نقل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الى رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان «تقدير القيادة الروسية لأدائه وتعويلها على قدرته على إدارة الحوار الذي شكل شبكة أمان مهمة للمجتمع اللبناني». وأكد خلال زيارته للبنان لساعات أمس آتياً من سورية «استعداد بلاده لمساعدة لبنان والبدء بوضع هذه المساعدة موضع التنفيذ والتحضير لذلك، بعد انتهاء الانتخابات النيابية وتشكيل الحكومة الجديدة». وسمع لافروف خلال زيارته لقصر بعبدا في حضور السفير الروسي سيرغي بوكين والوفد المرافق، من سليمان «أن التحرير الذي حصل في العام 2000 وتصادف ذكراه اليوم (أمس)، لا يزال منقوصاً لأن الاحتلال الإسرائيلي لا يزال جاثماً في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، والجزء الشمالي من بلدة الغجر، وعبر الخروق المستمرة جواً وبحراً إضافة الى شبكات التجسس التي تشكل خرقاً فاضحاً للقرار 1701 وعبر الألغام والقنابل العنقودية التي لا تزال تمنع المواطنين من استعمال أراضيهم»، مبدياً «القلق من المناورات التي يزمع الجيش الإسرائيلي تنفيذها». وإذ أشار سليمان الى «أن المبادرة العربية للسلام تشكل فرصة ثمينة يجب أن تبادر إسرائيل فوراً الى التقاطها إذا كانت راغبة حقيقة في السلام»، فإنه شكر ل «روسيا وقوفها الدائم الى جانب لبنان والعرب في قضاياهم المحقة، وكذلك ما قدمته من مساعدات للبنان في شتى المجالات وخصوصاً مساعدة الجيش اللبناني». واستغرب توقيت ما نشر عن جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري في اليومين الأخيرين، واعتبره «مشبوهاً ويسيء الى عمل المحكمة الدولية»، مبدياً «ثقته ببعد هذه المحكمة عن التسييس». ونقل لافروف الى سليمان دعوة لزيارة موسكو. وأشار الى «أن خروق إسرائيل المستمرة للبنان غير مقبولة»، وأمل ب«حصول الانتخابات النيابية في شكل شفاف وديموقراطي». وأبدى لافروف قلقه مما نشر عن جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، معتبراً ذلك «لعباً بالأوراق السياسية ومحاولة تدخل في عمل المحكمة»، مبدياً «تأييداً ثابتاً لعملها»، وقال: «الألعاب السياسية غير مقبولة في هذا الإطار»، وشدد على «ضرورة الكشف عن الحقيقة، وألا تسمح المحكمة بالتسييس». وجدد الرئيس سليمان «أن الدولة ستعمل على إجراء انتخابات شفافة وديموقراطية بعيداً من أي ضغوط أو تدخلات». وأكد «أن بعد انتهاء الانتخابات ستنطلق عجلة الإدارة في شكل صحيح وسريع وتعزيز طاولة الحوار من أجل بناء لبنان مستقر ونموذج عيش مشترك يضم كل الفئات وصالح كتجربة للعالم أجمع». ولفت سليمان الى «أن لبنان مستعد للمشاركة في أي مؤتمر دولي للسلام الشامل والعادل الذي يعطي الحقوق لأصحابها من الأراضي والمياه وحق العودة للفلسطينيين وغيرها. لقاء السنيورة والتقى لافروف رئيس الحكومة فؤاد السنيورة في حضور السفير بوكين والوفد المرافق، وجرى عرض التطورات الراهنة إضافة الى العلاقات الثنائية، واكتفى لافروف بالقول بعد اللقاء رداً على سؤال عن الموقف الروسي في حال فازت المعارضة: «إنها انتخاباتكم وليست انتخاباتنا وأياً كان اختياركم سندعمكم، انها انتخابات الشعب اللبناني ودعوه يقرر ما يريد، ولا تحاولوا أن ترتكزوا على محور خارجي بل على حكمتكم». وذكر المكتب الإعلامي لرئاسة الحكومة ان السنيورة في بداية الاجتماع «شكر روسيا على وقوفها الى جانب لبنان ودعمه لا سيما بالنسبة الى تقديم المساعدة العسكرية، كما شكره على دعم روسيا للبنان خلال تعرضه للعدوان الإسرائيلي وصدور القرار 1701 وضرورة استكمال مراحل تطبيقه. وأكد السنيورة التزام الحكومة إجراء انتخابات نيابية شفافة تتخذ فيها مؤسسات الدولة موقفاً حيادياً، مشدداً على التزامها أيضاً بمقتضيات الدستور، وبمبادرة السلام العربية كمرجعية للحل السلمي». لقاء بري والتقى لافروف رئيس المجلس النيابي نبيه بري في حضور النائب علي بزي والمستشار الإعلامي علي حمدان. وقال لافروف بعد اللقاء: «تطرقنا الى ثلاثة مواضيع أساسية هي: العلاقات الروسية اللبنانية الثنائية، ونحن تثبتنا من أن هذه العلاقات تتطور ولا تشترط روسيا بعلاقتها الثنائية مع لبنان بأي شروط سياسية، وعلى مستوى الدولة، فنحن نتعامل مع كل الذين يختارهم الشعب اللبناني، ونحترم هذا الاختيار والانتخاب. وفي ما يتعلق بالمستوى السياسي فنحن نتعامل مع الأطراف والقوى السياسية كافة التي تمثل الأجزاء المختلفة للمجتمع اللبناني الفريد». ولفت الى ان «المسؤولين الثلاثة تطرقوا الى موضوع الانتخابات، وكل ما سمعته يفيد بأن القيادة اللبنانية ستعمل قصارى جهدها لأن تجرى هذه الانتخابات في شكل عادل وبشفافية وديموقراطية». وقال: «نحن نعتبر من المهم للغاية بأن يتم الاعتراف بنتائج هذه الانتخابات ليس من قبل المجتمع اللبناني فحسب، بل من قبل المهتمين بأن يكون لبنان دولة مستقرة، وله تطور طبيعي أي من المجتمع الدولي، ونحن على يقين بأن جميع الأطراف يجب أن تحترم إرادة الشعب، وذلك طبعاً لأحكام الدستور اللبناني». وأشار الى ان البحث تركز أيضاً على «الأوضاع القائمة في منطقة الشرق الأوسط عموماً وفي جنوب لبنان خصوصاً، ونحن مرتاحون الى أنه يتاح للجيش اللبناني بالتعاون الوثيق مع قوات «يونيفيل» التي لها دور كبير في ذلك، الحفاظ على الاطمئنان في هذه المنطقة». وشدد لافروف على «أن أي حل نهائي لكل المسائل العالقة في العلاقات اللبنانية - الإسرائيلية يجب ان يكون فقط في سياق التسوية الشاملة في منطقة الشرق الأوسط، ومن الواضح ان الطريق الى ذلك هو طريق المفاوضات التي يجب ان يتم استئنافها في أقرب وقت ممكن». ولفت الى «اننا نخطط في مؤتمر موسكو الدولي لأن نضع في مركز المناقشة الموافقة من قبل كل الأطراف المباشرة أو المعنية على مبادرة السلام العربية». وعن المساعدة الروسية للبنان، وكيفية تسليم طائرات «الميغ» الى لبنان، قال لافروف: «تجري الأمور في شكل طبيعي، والأصدقاء اللبنانيون مرتاحون الى ذلك، كما طلبنا من أصدقائنا اللبنانيين استعجال عملية التنسيق والاتفاق على الوثائق المطلوبة التي ستمكننا من البدء في عملية إزالة الألغام من قبل الوحدات التابعة لوزارة الطوارئ الروسية، وخصص التمويل الضروري لذلك، وهناك عمل ملموس في هذا المجال ولا بد من إزالة جميع العراقيل التي تحول دون أن يعيش اللبنانيون في ظروف طبيعية». وعما نقلته صحيفة «ديرشبيغل» الألمانية، قال لافروف: «نعير اهتماماً كبيراً للغاية لأعمال المحكمة الدولية لأن تكون أعمالها محترمة ومن دون أي انحياز، ومن دون أي محاولات لتسييس أعمالها. وما نشر في «ديرشبيغل» نعتبره محاولة لتسييس الأمور، كما نعتبر ذلك شيئاً استفزازياً ومماثلاً لبعض الألاعيب السياسية التي ذكرت الشخصية الكبيرة وهي السيد الراحل رفيق الحريري، ونعتبر ان من غير المقبول القيام بأي محاولات للتأثير على المحكمة، كون هذه المحاولات تتناقض تماماً مع ميثاق عمل هذه المحكمة، وإننا على ثقة بأن قيادة المحكمة لن تخضع لمثل هذه المحاولات». ووزع المكتب الإعلامي لمكتب بري ان الأخير أثنى خلال اللقاء على موقف لافروف في الاجتماع الوزاري الذي عقد في مجلس الأمن من الانتخابات اللبنانية وتأكيده على الاعتراف بالنتائج من قبل الجميع. وعبر عن خوفه «على الديموقراطية من الديموقراطية»، محذراً «من تكرار تجربة الانتخابات الفلسطينية والموقف منها». وجدد بري التأكيد انه «إذا ربحت المعارضة فانها لن تحكم وحدها بل ستصر على المشاركة».