ينتظر أن يعلن في غضون ساعات عن صفقة قروض بقيمة 85 بليون يورو سيقدمها صندوق الاستقرار المالي لإرلندا، من أجل تمويل أزمة العجز وتنفيذ خطة التقشف التي وضعت لمساتها الأخيرة تحت مراقبة خبراء الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي. ويسبق إعلان الاتفاق افتتاح أسواق المال ويأمل المسؤولون أن يساعد على طمأنة المستثمرين حول جدوى برامج التقشف والحؤول دون انتقال العدوى إلى البرتغال واسبانيا. وتظاهر امس في شوارع دبلن اكثر من 10آلاف شخص احتجاجاً على خفض الانفاق العام وهم يهتفون: «نحن الشعب. الأصوات في يدنا». وقلّل رئيس منطقة اليورو رئيس وزراء لوكسمبورغ جان كلود يونكير من خطر انتقال العدوى إلى كل من البرتغال واسبانيا. وذكّر في تصريحات أمس بأن البلدين «تمكنا من استباق الأسواق اذ أقر كلاهما خطة التقشف». وأضاف: «لا سبيل للمقارنة بين إرلندا والبرتغال حيث صادق البرلمان على خطة تقشف صارمة ستمكن من خفض العجز عام 2011». كما يختلف وضع القطاع المصرفي في البرتغال ويعتبر في مأمن مقارنة بوضع المصارف في إرلندا. لكن مراقبين يتساءلون أيضاً عن مدى صحة القطاع المصرفي في اسبانيا لجهة ارتفاع حجم الخسائر التي تكبدها نتيجة تفجر أزمة القطاع العقاري في البلاد. لكن مصادر حكومية ألمانية نفت أمس تقريراً صحافياً نسب احتمال موافقة الحكومة الاتحادية في برلين على اصدار سندات مشتركة لمنطقة اليورو في مواجهة أزمة الديون الحالية في بعض دول منطقة العملة الواحدة. و كانت مجلة «فوكوس» نقلت عن مصادر لم تكشف هويتها أن برلين قد تسحب اعتراضاتها على فكرة رئيس مجموعة اليورو جان كلود يونكر الذي يعتقد أنها ستساعد الدول المتعثرة مثل اليونان وإرلندا والبرتغال. ويساند جان كلود يونكير قرار القمة إنشاء صندوق دائم عام 2013 لضمان الاستقرار المالي، ويمثل استمراراً للآلية التي أنشأت في الربيع الماضي، لكن يتحفظ عن معارضة فكرة المستشارة انغيلا مركل إشراك القطاع المصرفي في رأسمال الصندوق. وتحتل المانيا الموقع الأمامي في الجدال الدائر حول مستقبل منطقة اليورو. ولم تتردد المستشارة الألمانية عن تحذير شركائها من أن المنطقة « في وضع خطر» نتيجة تدهور الوضع المالي والقطاع المصرفي في إرلندا، وأخطار انتقال العدوى إلى البرتغال واسبانيا. وتنفرد المانيا بتقديم اقترحات جمع موارد الصندوق وتدعو القطاع الخاص إلى المشاركة في الآلية الدائمة. وتثير تصريحات المستشارة حفيظة شركائها من المحافظين في مقدمهم رئيس المفوضية مانويل باروسو الذي رأى أول من أمس أن «إحدى المشاكل التي تواجه الاتحاد تتمثل في كون مسؤولين سياسيين يعلقون كل يوم على الوضع المالي بدلاً من اتخاذ قرارات» (في شأنه). لكن محللين في المانيا وخارجها يعتقدون أيضاً بأن المانيا لا يمكنها الصمت أمام تدهور الأوضاع المالية لأنها تعلم مسبقاً بأنها ستدعى للمساهمة بالقسط الأكبر من الموارد اللازمة لإنقاذ المنطقة ، بصفتها أكبر قوة اقتصادية في السوق الأوروبية وأكبر مساهم في صندوق الاستقرار المالي. وتظاهر الآلاف أمس في دبلن احتجاجاً على خطة التقشف حيث انتهى فحصها من قبل خبراء المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي. وأعدت حكومة رئيس الوزراء براين كوين خطة تقشف تمتد على اربع سنوات، ويتوقع أن تمكن من توفير 15 بليون يورو من خلال اجراءات تقليص عدد موظفي القطاع العام بنحو 25 ألفاً، وزيادة الضريبة على القيمة المضافة تدريجاً إلى 24 في المئة، وخفض الرواتب، وتقليص الانفاق العام بنسبة 20 في المئة. وفي المقابل تمكنت دبلن من الحفاظ على ميزتها الاقتصادية والمتمثلة في انخفاض معدلات الضريبة على أرباح الشركات حيث لا تتجاوز 12.5 في المئة، وهي أضعف نسبة في اوروبا الغربية. لكن محللين يشكون في فرص حل الأزمة على رغم حدة الاجراءات الضريبية ويرون أنها تقود البلاد إلى أزمة اجتماعية وسياسية. ويسعى رئيس الوزراء كوين إلى نيل المصادقة على برنامج التقشف في السابع من الشهر المقبل ويرجح أن يدفع الثمن سياسياً عندما سيتقدم من الناخبين في مطلع العام المقبل. ومثلما تهدد عدوى العجز المالي بالانتقال إلى البرتغال، فإن الوضع الاجتماعي في البلدين متشابه إلى حد كبير.