على رغم مرور أكثر من عقد من الزمن على مشروع «السعودة» الذي تبنته الحكومة السعودية، إلا أنه ما زال حلماً بعيد المنال، إذ إنه لا يسير ببطء فقط، بل إنه وفي بعض الأحيان يتوقف تماماً، وفي أحيان قليلة يتأخر، وقضايا وزارة العمل بين الموظفين السعوديين وبعض المنشآت والشركات تؤكد ذلك. دعونا نقول إن النية لدى الجهات الحكومية صادقة، وهي بالفعل كذلك، ولكنها في المقابل لم توفر الأدوات التي تغري المستثمر أو الشركة أو المؤسسة بتوظيف السعوديين، ولذلك يجب أن نكون منطقيين ولا نطالب رجال الأعمال والتجار بمجاملة أبناء البلد على حساب أرباحهم وجودة أعمالهم. في رأيي، لا حل لتوظيف أبنائنا العاطلين، إلا بأن تبحث عنهم الشركات أو المتاجر وتتنافس عليهم، والحل يكمن في نقطتين، هما: تحسين مخرجات التعليم وتحديد أو تقنين ساعات العمل. فلنبدأ بالنقطة الأولى، التي ما زال الكثير يستغرب إهمالاً غريباً لها، فالسوق المحلية والمستثمرون يحتاجون إلى خريجين في تخصصات معينة ما زالت شحيحة في السعودية، ومع ذلك لم تفتح الجامعات ولا المعاهد أقساماً لها، ومن هنا ينجح العامل الأجنبي في هذه البلاد، حتى لو أتى وهو مبتدئاً في هذا التخصص. أما بالنسبة للنقطة الأخرى وأقصد تقنين ساعات العمل، والتي أعتبرها مربط الفرس في المنظومة بأكملها، فالموظف السعودي لديه التزامات عائلية ومناسبات اجتماعية وليس من المنطقي أن يعمل في متجر يفتح معظم ساعات اليوم، وعلى العكس تماماً يأتي العامل الأجنبي الذي ربما ينام أيضاً في المتجر أو البقالة، بل ولديه استعداد على العمل مع شخص آخر طوال ساعات اليوم. كما أن عدم تقنين ساعات العمل يزيد من أعباء جهات حكومية أخرى هي في حاجة إلى التركيز في عملها، وفي مقدما الجهات الأمنية التي تضطر إلى تكثيف المراقبة الأمنية خلال ساعات العمل حتى منتصف الليل. كما لا ننسى أن تحديد ساعات العمل سيحد من التسوق ويعود بالأسر إلى ممارسة أهدافه الحقيقية المتمثلة في التواصل، إضافة إلى ما يحققه من توفير للطاقة وتخفيف الاختناقات المرورية في أوقات المساء، وهذا ما نشاهده واقعاً تعايش مع الناس في جميع دول العالم، ومن ضمنها الدول المتقدمة صناعياً وتجارياً واقتصادياً. كما يجب الالتفات إلى نقطة مهمة في الموضوع، ألا وهي إغلاق المحال التجارية خلال أوقات الصلاة، وهي نقطة يحتج بها من لا يؤيد تقنين ساعات العمل، والحل في رأيي هو تأخير وقت صلاة العشاء، ولا سيما أن الوقت ومن خلال آراء الفقهاء واسع وفي الإمكان تأخيرها ساعة أو ساعة ونصف. متعب مرزوق - الرياض [email protected]