بينما دعت الكنيسة في مصر والأزهر الشريف المصريين إلى «ضبط النفس» وعدم «الانقياد وراء الفتن الطائفية»، أمر النائب العام المصري بسجن 156 مسيحياً بتهمة «الإرهاب وأعمال الشغب» على خلفية المواجهات التي اندلعت أول من أمس في منطقة العمرانية بضاحية الهرم التابعة لمحافظة الجيزة بين مئات الأقباط المحتجين على وقف بناء مقر ديني يُشتبه في أنه كان سيُحوّل إلى كنيسة، الأمر الذي أدى إلى مقتل قبطي وإصابة العشرات. وحمل بابا الأقباط شنودة الثالث على طريقة تعامل الأمن، منتقداً طريقة تعامل المسؤولين مع قضية وقف بناء الكنيسة، داعياً محافظ الجيزة اللواء سيد عبدالعزيز إلى «التعامل بالحكمة وليس بالعنف مع الأزمات لعدم تكرار ما حدث»، لافتاً إلى أنه حزين جداً. وقال الحزب «الوطني» الحاكم إنه تابع «الأحداث المؤسفة» التي وقعت بمحافظة الجيزة، معتبراً أن ما وقع من «عدد من الإخوة المسيحيين ناتج عن سوء فهم وغياب الحقائق وشحن غير مرغوب فيه... في ظل اختفاء صوت العقل والحكمة، وفي الوقت نفسه غياب سرعة الحسم والحوار من جانب الجهات المحلية القائمة على التنفيذ لإجراءات متفق عليها تنفيذاً وإعمالاً للقانون». وعبّر الأمين العام للحزب صفوت الشريف عن رفض حزبه «كلَّ خروج عن الشرعية» مؤكداً ثقته «في أن الحقيقة في أيدٍ أمينة في النيابة العامة». وقال إن لديه «ثقة أكبر وأوسع في تقدير الشعب مسلميه ومسيحييه في مواجهة كل محاولات إثارة الفتنة ووأد كل محاولات اصطناع مواقف ومصادمات يمكن أن ترتبط بالمشهد السياسي... ومصر على أبواب انتخابات مجلس الشعب». وقال: «علينا أن نحافظ على وحدتنا الوطنية ولا نعطي الفرصة للمتربصين بالوطن أن يصوروا حدثاً كهذا ويربطوه بأي بعد أو هدف سياسي... الأمر الذي يتنافى مع الواقع والحقيقة... ونثق أن الحكماء والعقلاء قادرون على احتواء هذا الموقف بالعقل والحكمة وإعلاء قدر الوطن واحترام الشرعية والقانون». كذلك دان حزب «التجمع» اليساري المعارض «الأحداث المؤسفة» التي وقعت في الجيزة. وتظاهر مئات الأقباط أمس أمام مبنى نيابة جنوبالجيزة أثناء التحقيق مع المتهمين في أحداث الشغب التي شهدتها ضاحية العمرانية أول من أمس، على خلفية صدور قرار بإيقاف البناء في «كنيسة العذراء والملاك ميخائيل»، مطالبين بإطلاق سراحهم، قبل أن يأمر النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود بسجن 156 متهماً لمدة 15 يوماً على ذمة التحقيقات التي تباشرها معهم النيابة التي نسبت إلى المتهمين وهم من المسيحيين اتهامات تتعلق ب «الاشتراك في التجمهر بغرض منع وتعطيل تنفيذ القوانين واللوائح، والتأثير على السلطات العامة في أعمالها، وذلك باستعمال القوة تنفيذاً للغرض من التجمهر لارتكاب جرائم التعدي على القائمين على تنفيذ أحكام القانون من رجال الشرطة وذلك باستخدام القوة والعنف وباستعمال أسلحة». كما نسبت النيابة إلى المتهمين «الشروع في قتل بعض أفراد الشرطة عمداً مع سبق الإصرار، وإحراز عبوات مفرقعة قبل الحصول على ترخيص بذلك من السلطة المختصة، والتخريب العمدي لمبانٍ وأملاك عامة بغرض إرهابي، وتعطيل سير وسائل النقل البرية عمداً وسرقة بعض المنقولات المملوكة لوزارة الداخلية، وإحراز أسلحة بيضاء من دون مسوغ». وظهر من جديد المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي عبر موقع «الفيسبوك» بعد غياب معبراً عن إدانته أعمالَ العنف التي جرت الأربعاء. واعتبر في رسالة نصية بثها عبر حسابه الشخصي على موقع «فيسبوك» أن أحداث العمرانية «وصمة على جبين كل مصري»، مشدداً على أن «الدين لله والوطن للجميع».