على رغم مرور حوالى أربعة أعوام على ولادة نظام حماية الأجور، فإنه لم تنبت له أسنان، وعجز النظام عن توفير الحماية لرواتب موظفي القطاع الخاص، الذين يقدرون ب10 ملايين، منهم مليون ونصف المليون سعوديون. وساد توقع أن تنتهي الشكاوى العمالية المتعلقة بتأخر الرواتب، بعدما ألزمت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية أصحاب المنشآت بالتسجيل في البرنامج، وخصوصاً أنها لوحت للمتأخرين منهم بسيف العقوبات، التي تشمل غرامات وإيقاف الخدمات عنهم، ومقاضاتهم أيضاً. وظن العمال أنه لن يكون في إمكان أصحاب العمل التحايل في دفع أجورهم، إلا أن البرنامج تعرض لانتقادات عدة من الطرفين، وخصوصاً بعد أزمات مالية واجهت شركات كبرى، فتأخرت عن دفع رواتب آلاف من عمالها أشهراً عدة قاربت العام. ولاقى «حماية الأجور» انتقادات بعدما تأخرت رواتب عشرات آلاف من العمال في شركات مقاولات عدة شهوراً طويلة، مثل «سعودي أوجيه»، التي عاني عمالها من تأخر رواتبهم أكثر من تسعة أشهر، و«ابن لادن» أكثر من أربعة أشهر، صحبتها حاجات من جانب العمال، تدخل إثرها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، مصدراً توجيهات بحل أزمة العمال المتضررين. ويهدف «حماية الأجور»، الذي بدأت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية تطبيقه منتصف عام 2013، إلى رصد عملية صرف الأجور لجميع العاملين والعاملات في منشآت القطاع الخاص، من السعوديين والوافدين، ويوثق عمليات الدفع لتلافي التأخير فيها، ويقيس مدى التزام المنشآت دفع الأجور في الوقت والقيمة المتفق عليهما، إضافة إلى إنشاء قاعدة بيانات عن أجور العاملين. ويسعى إلى التقليل من الشكاوى العمالية المتعلقة في تأخر الرواتب، وتوثيق حقوق أطراف العمل، لتتسم عملية الصرف بالأمان، إذ يدفع الأجر في المصارف. وتشترط الوزارة على المنشآت تحميل ملف الأجور عبر الخدمات الإلكترونية التابعة لها. ويعمل البرنامج على ربط الجهات الحكومية المعنية بشؤون العمال، وبمجرد رفع الملفات، تتأكد الوزارة من الصرف لجميع العمال المسجلين عليها، ليُعتمد الملف في حال لم توجد ملاحظات. وفي حال عدم رفع الملف من المنشآت يطبق النظام العقوبات آلياً، وتتضمن جدولة زيارة تفتيش شاملة للمنشأة في حال تأخرها مدة شهر، ثم إيقاف جميع الخدمات عدا خدمة إصدار رخصة العمل، في حال تأخرها مدة شهرين. وتوقف الخدمات كافة في حال زاد التأخر على ثلاثة أشهر، ويحق للعامل فيها نقل خدماته إلى صاحب عمل آخر من دون موافقة صاحب العمل. وبعد ثبوت تأخر المنشأة في الدفع تُحرم من تجديد رخص العمل واستقدام العمال وتغرم ثلاثة آلاف ريال تتعدد بتعدد العمال المُتأخرة رواتبهم. وبدأ تطبيق البرنامج تجريبياً، ثم إلزامياً بعد ذلك بثلاثة أشهر، بمعدل مرحلة كل ثلاثة أشهر، وشملت الأولى 1332 منشأة مصنفة «عملاقة»، يبلغ عدد عمالها ثلاثة آلاف فأكثر، عَلقت خلالها العمل عن حوالى 566 شركة، فيما سُجل التزام 767 أخرى. وفي الثانية طبق على منشآت عمالتها ألفان فأكثر، وعددها 126 منشأة، سجل التزام 120 شركة، فيما لم تلتزم ست فقط. واستهدفت المرحلة الرابعة حوالى 600 ألف عامل، ضمن أكثر من 900 منشأة، عدد عمالتها 500 فأكثر. وسجلت الوزارة خلال المراحل السبع الأولى من تطبيق البرنامج التزام 2170 منشأة، مثلت 42 في المئة من إجمالي 7466 منشأة، وأُوقفت خدمات 4296، بنسبة 58 في المئة. ومع بدء تنفيذ المرحلة التاسعة دخلت أجور حوالى 5.59 مليون عامل وعاملة، في 12.55 ألف منشأة في القطاع الخاص، تحت مظلة «حماية الأجور». وشملت المراحل ما بين العاشرة وال16 المنشآت التي تقل عمالتها عن 100 حتى 11 عاملاً، وبدأتها الوزارة في أوائل شباط (فبراير) من العام الماضي، وسيبدأ تطبيق المرحلة ال16 في الأول من أيلول (سبتمبر) المقبل. من جانبها، تعهدت المصارف بالتعامل مع متطلبات البرنامج، من خلال استقبال جميع المنشآت الخاضعة للنظام، وفتح حسابات لها، ومعالجة ملف الرواتب، وإصدار البطاقات وغيرها من الخدمات الإلكترونية. إلا أن أصحاب منشآت اتهموا عام 2015 مصارف بفرض رسوم على منشآتهم عند فتح حسابات وإصدار بطاقات الرواتب لعمالهم، وأكدت «مؤسسة النقد» آنذاك عدم أحقية تقاضي المصارف أكثر من 90 ريالاً رسوماً سنوية من المنشأة عن كل بطاقة راتب، أو 7.5 ريال شهرياً في مقابل إصدار البطاقة. إشكالات أخرى في تطبيق «حماية الأجور» كانت خارجة عن إرادة أصحاب المنشآت، مثل تأخر العامل في تفعيل بطاقته، ورفض مصارف استقبال العمال ذوي الأجور المتدنية، بينما تُحاسب الوزارة المنشآت على التأخر لتلك الأسباب. «العمل»: لن نتساهل في حماية الحقوق أكد وزير العمل الأسبق عادل فقيه عام 2015 أن الوزارة لا تتعمد توقيع العقوبات على المنشآت، مشيراً إلى وجود أكثر من مليون منشأة في القطاع الخاص لم يطبق عليها نظام حماية الأجور، لافتاً إلى وجود مواد ضمن النظام تتضمن النصح والإرشاد للمنشأة في حال وجود مخالفة، إلا أنه أشار إلى مخالفات «لا يمكن التساهل» فيها. بدوره، نفي المتحدث الرسمي باسم وزارة العمل والتنمية الاجتماعية خالد أبا الخيل العام الماضي، أن يكون تطبيق البرنامج فاقم مشكلات العمال، بعدما أوقف الخدمات عن المنشآت، مؤكداً أن إجراءات الوزارة جاءت «لحماية حقوق العمال، التي تعطيهم الحق في نقل خدماتهم إلى صاحب عمل آخر بعد تأخر رواتبهم». من جهته، طالب المحلل الاقتصادي محمد العنقري آنذاك بضرورة تعديل «حماية الأجور»، الذي وصفه بأنه «بلا أنياب، بدليل استمرار المشكلة في المنشآت المخالفة وتكرارها في منشآت أخرى»، مطالباً بتوفير الحماية لحقوق العمال. وحذر من «خسارة تطور مهم تمثل في إقبال 800 ألف مواطن على العمل في القطاع الخاص خلال السنوات الست الأخيرة». وتلقى البرنامج انتقادات واسعة في مواقع التواصل الاجتماعي، وكتب المغرد حسام الشمري في تغريدة، عبر حسابه في «تويتر»: «أنا شخصياً أعرف 10 منشآت لم تُفعّله، فأين دور الوزارة»؟ وأيده عبدالرحمن العيد بالقول: إن «البرنامج يحوي خللاً في تطبيقه أو لدى العاملين عليه». وكتبت مغردة تدعى «عبير» عن معاناتها مع البرنامج منذ خمسة أشهر، بسبب «إغلاقه خدمة نقل الكفالات، على رغم تحميل ملفات أجور ثلاثة الأشهر الأخيرة، وحتى الآن لم يحدث شيء». فيما دون مغرد آخر: «منذ ستة أشهر والنظام واقف من دون أي تجاوب من مكتب العمل».