غطت لوحات قماشية جدران منازل في محافظة الأحساء، ترحيباً بالحجاج العائدين إلى الديار بعد إتمام مناسك الحج. وشهدت السنوات الأخيرة، تزايداً لافتاً في أعداد تلك اللوحات التي حملت عبارات ترحيبية، إلى جانب وضع المنازل الأعلام الخضراء، التي عادت من جديد بعد انقطاع لسنوات عدة، والتي ترمز إلى أن هذا المنزل التي ترفرف على سطحه الراية الخضراء فيه حجاج. ولفتت اللوحات الترحيبية الأنظار إليها، كونها باتت من تقاليد موسم العودة من الحج. كما لفتت العبارات التي حملتها تلك اللوحات الانتباه، إذ اختار مستقبلون والدهم بعبارة «أسفرت وأنورت وتعطرت وتبخرت...»، وآخرون كتبوا عبارة شعبية كان يرددها الأطفال قديماً أثناء استقبال الحجاج «يا حجتي حجي بي بيت... مكة ودي بي ..»، فيما اختار البعض وضع صور للحجاج إلى جانب عبارة ترحيبية بالخط العريض. ويشير عبدالله الشطيب، الذي استقبل أخاه العائد من الحج بإحدى تلك اللوحات، إلى أن الأمر بمثابة «فرح بقدوم الحاج بالسلامة، والتفاخر بأن أتم الله عليه نعمته وأدى هذا الركن المهم، إلى جانب دعوة الضيوف الكرام من أبناء القرية، ليسلموا عليه»، مضيفاً «قديماً كانت تعرف منازل الحجاج بوضع خيط أخضر على الباب، ثم تحولت العلامة إلى وضع راية خضراء على سطح المنزل. أما الآن فأصبحت اللوحات القماشية، أو تلك المطبوعة إلكترونياً تحل محل وسائل الإعلان القديمة». ويفضل البعض وضع تلك اللوحات في مدخل المنزل، أو على الجدران الداخلية، مصحوبة بالزينة وصور لمكةالمكرمة. ويشعر آخرون أنها مناسبة خاصة، يجب إبلاغ الجميع بها، فيضعون اللوحات والصور خارج المنزل. ويقول الشطيب: «كل هذه الأنشطة وأخرى، تدل على أهمية هذه المناسبة الدينية، التي ننظر إليها باحترام خاص». ويوضح محمد النويصر (أحد الحجاج)، أن هذه اللوحات، وغيرها من العلامات توضع لهدف رئيس، وهو «دعوة للزوار بالقدوم لهذا المنزل لتهنئة الحاج بإتمام فرضه. وعادة ما تبدأ الزيارات في عصر اليوم الثاني من وصول الحاج، إذ تبدأ جموع المهنئين بالبحث عن منازل الحجاج، ويستدلون عليها من خلال هذه العلامات». ويشير النويصر، إلى أن وفود المهنئين تتشكل «وفق معايير مختلفة، فمجموعة تتكون من العائلات الكبرى، التي يتقدمها في العادة كبير تلك العائلة. ومجموعة أخرى تتشكل من المشايخ وكبار القرية. فيما تكون المجموعة العشوائية الأقل»، مضيفاً «بعض القرى ألغت هذه الاستقبالات الفردية، من خلال إقامة احتفال استقبال كبير، يجمع جميع حجاج القرية في مكان واحد، ليختصروا الزيارات والجهد المبذول فيها. ويتم الإعلان عنه مسبقاً، ويرتب له برنامج خاص». ويرى كثيرون، أن المستفيد في هذه التظاهرة التي تختم السنة الهجرية، هم الخطاطون. ويقول الخطاط عبد الهادي الحسن: «يبدأ الطلب على اللوحات القماشية قبل أسبوع تقريباً من عودة الحجاج، والطلب يتزايد علينا، لأننا أقل كلفة من وكالات الدعاية والإعلان، إذ يحصل الزبون على لوحة كاملة، بطول مترين ونصف المتر، بقيمة لا تتجاوز 60 ريالاً فقط»، مضيفاً «أعمل على هذه اللوحات منذ زمن. وأرى أن هذه المناسبة ذات طابع خاص لدى الأسر، التي تحتفل بعودة ذويها من الحج بطرق مختلفة، لكنهم يتفقون على اللوحات القماشية أو الورقية، إيماناً منها بأهمية المناسبة».