اصبحت ارلندا «الضحية الثانية» خلال ستة أشهر، بعد اليونان، لأزمة الديون العامة «المتنقلة» في منطقة اليورو، بعدما طلبت رسمياً ليل الأحد معونة انقاذ من صندوق الطوارئ في الاتحاد الأوروبي ومن صندوق النقد الدولي. وذكر ان حجم رزمة المساعدات سيصل الى 95 بليون يورو (130 بليون دولار)، لكن «العدوى اليونانية - الإرلندية» قد تنتقل الى البرتغال ولاحقاً الى اسبانيا ما اصبح يهدد استقرار منطقة اليورو بأكملها خصوصاً ان ارتفاع سعر صرف اليورو يضرب دولها ذات الاقتصادات الضعيفة والمدينة، وغالبيتها في الخاصرة الجنوبية. وأدى الإعلان عن «صفقة الإنقاذ»، التي لن تكتمل وتُكشف تفاصيلها حتى نهاية الشهر الجاري، الى ارتفاع صباحي لمؤشرات الأسواق واليورو ما لبثت ان فقدته بعد الظهر اثر تحول الضغوط على ديون البرتغال وإسبانيا الضحيتين الثالثة والرابعة. وقال جاك كايو كبير الاقتصاديين الأوروبيين في «رويال بنك اوف سكوتلند»، الذي قدر حاجة ارلندا الى ما بين 80 و100 بليون يورو، «كما شهدنا عند امداد اليونان بالأموال بقيت الأمور غير محسومة وتحولت الضغوط الى دول مدينة اخرى وسنشهد قريباً اشتداد الضغوط على الخاصرة الجنوبية لأوروبا». وكان اريك نيلسون كبير الاقتصاديين الأوروبيين في «غولدمان ساكس» قدر حاجة الحكومة الإرلندية بنحو 65 بليون يورور لضبط موازنتها و30 بليون يورو لإنقاذ المصارف مع ازمة الائتمان وانفجار فقاعة العقار في العام 2008 واللتين قادتا المصارف الى ازمة ديون معدومة كبيرة اضطرت معها حكومة دبلن الى «شبه تأميم» غالبية المصارف وضمان الودائع الباقية فيها. وقال وزير المال الإرلندي بريان لينيهام امس «ان حجم القروض التي قدمتها المصارف الى القطاع العقاري كان ضخماً ما هدد ارلندا ومنطقة اليورو». وذُكر ان صفقة الإنقاذ تتضمن خفض حجم المصارف الإرلندية ودورها لتصبح لاعباً محلياً فقط بعدما اصبحت تعتمد على التمويل الأوروبي في عملياتها التقليدية. وسيتم دمج بعضها وبيع اخرى الى مستثمرين اجانب. وانعكست دعوة حزب «الخضر» في ارلندا، المشارك في الحكومة الائتلافية، الى انتخابات عامة خسائر اضافية في اسعار اسهم المصارف ومن ثم عكست المكاسب الصباحية لليورو ومؤشرات اسواق الأسهم، خصوصاً في القطاع المالي على مستوى القارة الأوروبية ما لبثت ان انتقلت الخسائر الى اسواق الأسهم الأميركية. وتراجع مؤشر «يوروفيرست بنك»، الذي يقيس اداء اسهم المصارف الأوروبية بنسبة 1.4 في المئة. ولاحظ تقرير اصدره امس مدير الصرف الأجنبي في بنك «يو بي اس» منصور محيي الدين ان تجاوز سعر صرف اليورو مستوى 1.40 دولار يؤدي حتماً الى سقوط احدى دول منطقة اليورو في «فخ الديون» السيادية. وقال التقرير «ان الحل الوحيد لإنقاذ منطقة اليورو ومستقبل العملة الموحدة فيها هو الإبقاء على سعر صرف معتدل لليورو وحفز النمو في دول ضعيفة الاقتصادات في منطقة اليورو، التي تدور في فلك فرنسا وألمانيا». وأعطى التقرير مثالاً على ان الأزمتين اليونانية والإرلندية حدثتا في ظل تجاوز سعر صرف اليورو مستوى 1.4 دولار وأن اكبر الأزمات التي ضربت منطقة اليورو حدثت عندما سجل اليورو مستوى 1.60 دولار في عز ازمة الائتمان وبعدما ضخ مجلس الاحتياط الفيديرالي (المركزي الأميركي) الشريحة الأولى من التسييل الكمي بقيمة 700 بليون دولار. وانعكست الأزمة الإرلندية على سعر النفط وخفضت صناديق التحوط، التي تضارب بالخام، وأبقت سعر برميل الخام الأميركي الخفيف في عقود كانون الثاني (يناير) المقبل عند 81.75 دولار بعدما سجل امس 80.98 دولار.