بدت الحكومة الإرلندية مرتاحة أمس بعد موافقة الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي على منحها دعما مالياً، ولكن بقي عليها إنجاز الشق الأصعب من العملية، وهو إقناع الإرلنديين، الذين ترى شريحة واسعة منهم في ذلك «استسلاماً مشيناً». ودانت صحف إرلندا بالإجماع اللجوء إلى جهات مقرضة أجنبية لتسوية الديون الهائلة لإرلندا، معتبرة أنه «استسلام لا سابق له» و«مشين». وفور الاعلان عن الخطة ليل أول من أمس في دبلن، هاجم متظاهرون سيارات الوزراء عند مغادرتهم مكاتبهم، وجُرح متظاهر، فاضطرت الشرطة إلى التدخل للسيطرة على الوضع. إلا ان وزير المالي الإرلندي براين لينيهان أكد أمس ان إرلندا «ليست في حال إفلاس». وأضاف: «في السنوات الأخيرة تقلص إلى حد كبير هامش المناورة للاستدانة من السوق الدولية»، موضحاً بذلك سبب طلب دبلن المساعدة. ونفى لينيهان بذلك ان يكون صندوق النقد سيتولى إدارة شؤون الجزيرة، خصوصاً على صعيد المطالبة بخطة تقشفية حساسة يُفترض ان تعلنها دبلن غداً. وقال لينيهان ان الهيئات الدولية «راضية في شكل عام» عن إجراءات التقشف الجديدة التي تسبق خطة الإنقاذ الدولية. وهي تقضي بتوفير 15 بليون يورو حتى عام 2014 من أجل خفض العجز في الناتج المحلي الإجمالي إلى ثلاثة في المئة في مقابل 32 في المئة حالياً. وقال وزراء المال في منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي في بيان لهم ليل أول من أمس إنهم «يرحبون بطلب الحكومة الإرلندية مساعدة مالية». وأضافوا أنهم «متفقون مع المفوضية الأوروبية والمصرف المركزي الأوروبي على ان تقديم مساعدة لإرلندا مبرَّر، من أجل إنقاذ الاستقرار المالي في الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو». وبعد أسبوع من النفي والتردد، أصبحت إرلندا البلد الثاني في منطقة اليورو الذي يستفيد من دعمٍ هذه السنة، بعد اليونان في الربيع، وأعلن صندوق النقد الدولي أنه مستعد للمساهمة، وذلك عبر قرض على سنوات عدة. وفي لندن، أعلن وزير المال البريطاني جورج أوسبورن ان بريطانيا ستقدم لإرلندا قرضاً ثنائياً تبلغ قيمته نحو سبعة بلايين جنيه استرليني في إطار المساعدة المالية لدبلن. وقال للقناة الرابعة ل «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي) ان «إرلندا دولة صديقة تحتاج الى مساعدة ونحن هنا لمساعدتها». وأوضح ان بريطانيا تعهدت المساهمة في خطة المساعدة التي أعدتها أوروبا وصندوق النقد «عن طريق قرض ثنائي»، أي قرض من دولة الى دولة وليس عبر الاتحاد الأوروبي «لنثبت أننا لا نريد ان نشارك في آلية دائمة لإنقاذ اليورو». واعلن وزير المال السويدي أندرس بورغ أيضاً استعداد بلده لتقديم مساعدة تبلغ بين 530 مليون يورو و1.06 بليون إلى إرلندا. يُذكر أن بريطانيا والسويد، العضوان في الاتحاد الأوروبي، لا تنتميان الى منطقة اليورو، ولا الى الصندوق الأوروبي للاستقرار المالي الذي أُسس في الربيع لمساعدة أعضاء الاتحاد النقدي الذين يواجهون صعوبات مالية. ولم تُعرف القيمة الإجمالية لخطة الإنقاذ، التي أكدت الحكومة الإرلندية أنها تحتاج إلى بضعة أسابيع لإعداد تفاصيلها، لكن مصدرين دبلوماسيين قالا مساء أول من أمس لوكالة «فرانس برس» إن المساعدة لإرلندا ستتراوح ما بين 80 و90 بليون يورو. وحصلت اليونان على قرض بقيمة 110 بلايين يورو على مدى ثلاث سنوات نظراً إلى استحالة الاقتراض من الأسواق بمعدلات فائدة مقبولة من اجل إعادة تمويل دَينها.