طرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمام الكونغرس بمجلسيه، «خريطة طريق» لتطبيق برامج تثير انقساماً. وأعلن عزمه على إصلاح نظام الهجرة، متعهداً تخصيص تريليون دولار لتطوير البنى التحتية في الولاياتالمتحدة. وأعرب عن أمله بإقامة «شراكات جديدة»، مشدداً على أهمية الحلف الأطلسي، ومجدّداً وعده «حماية الأمن من إرهاب الإسلام المتطرف». ووصف زعيم المعارضة الديموقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر خطاب ترامب ب «شعبوي»، معتبراً أن «الرئيس يطبّق سياسة اليمين المتشدد»، ومشيراً إلى «تباين واضح بين ما يقوله الرئيس للفقراء وما يفعله للأغنياء». ورأى السناتور الديموقراطي كريستوفر كونز أن خطاب ترامب هو إحدى «أكثر كلماته العامة تماسكاً منذ شهر»، مستدركاً أن اقتراحاته في شأن الموازنة «تثير قلقاً بالغاً». وبقي الديموقراطيون جالسين في مقاعدهم مكتوفي الأيدي، من دون تعبير على وجوههم، وإن أشاروا أحياناً بإبهامهم إلى أسفل مع تصريحاته. وارتدت حوالى 40 نائباً ديموقراطية ملابس بيضاً ترمز إلى الدفاع عن حقوق النساء، احتجاجاً. في المقابل، كان الجمهوريون يصفقون بلا توقف ويقفون تحية عند ذكر المشاريع الكبرى للرئيس، مثل تشييد جدار على الحدود مع المكسيك ومكافحة «الإرهاب الاسلامي المتطرف» ولدى ذكر شعار «لنعيد أميركا عظيمة مجدداً». وأظهر استطلاع أعدّته شبكة «سي أن أن» ومعهد «أو آر سي» أن 57 في المئة من المشاهدين يعتقدون بأن خطاب ترامب كان إيجابياً جداً، فيما أعرب 69 في المئة عن شعور بتفاؤل أكبر في شأن مستقبل الولاياتالمتحدة. وقال ترامب إن على الولاياتالمتحدة أن «تتخلى عن نظام الهجرة الحالي غير الناجح، واعتماد نظام آخر يكون قائماً على أساس الجدارة»، معتبراً أنه «سيتيح زيادة الرواتب وتوفير مبالغ ضخمة» في مقابل «النظام الحالي الذي يرهق المكلفين الأميركيين ببلايين الدولارات سنوياً». وتابع أن «على الراغبين بدخول بلد أن يكونوا قادرين على إعالة أنفسهم مالياً»، مكرراً تعهده تشييد «جدار ضخم جداً» على حدود المكسيك، وعزمه على مكافحة الهجرة السرية ومهاجرين «مجرمين». وأعلن أن ضحايا جرائم ارتكبها مهاجرون سيستفيدون من معاملة خاصة، عبر تأسيس مكتب خاص لمساندتهم. وأضاف أنه «سيتخذ خطوات جديدة لإبقاء بلادنا آمنة»، في إشارة إلى مرسوم جديد سيوقّعه لكي يحلّ مكان أمر تنفيذي جمّده القضاء. وأفادت وكالة «أسوشييتد برس» بأن المرسوم الجديد سيحذف العراق من لائحة تضمّ 7 دول يواجه مواطنوها حظراً موقتاً على دخول الولاياتالمتحدة. وأضافت أن القرار يأتي بعد ضغوط من وزارتَي الدفاع والخارجية الأميركيتين، اذ حضّتا البيت الأبيض على مراجعة إدراج العراق إلى اللائحة، نظراً إلى دوره الرئيس في الحرب على تنظيم «داعش». وأعلن ترامب انه سيطلب من الكونغرس «الموافقة على قانون سيطلق استثمارات قيمتها تريليون دولار في البنية التحتية في الولاياتالمتحدة، تُموّل بفضل رؤوس أموال من القطاعين العام والخاص، ما سيخلق ملايين الوظائف». وأضاف: «أنفقت أميركا نحو 6 تريليونات دولار في الشرق الأوسط، في حين تفكّكت البنية التحتية لدينا. بتلك التريليونات الستة من الدولارات، كان في إمكاننا إعادة بناء بلدنا مرتين وحتى ثلاث مرات، لو كان لدينا زعماء يملكون القدرة على التفاوض». وكرّر وعده بإصلاح ضريبي «تاريخي» يقلّل من الضرائب على الطبقة المتوسطة و «شركاتنا لكي تتمكن من التنافس مع أيّ كان والإزدهار في أي مكان»، لافتاً إلى أن «الشركات الأميركية تدفع ضرائب تُعتبر من أعلى المعدلات في العالم». وأضاف: «علينا العمل بحيث يصبح من السهل على شركاتنا ان تقوم بأعمالها في الولاياتالمتحدة، ومن الصعب عليها أن ترحل». وجدّد تعهده فرض ضرائب على الواردات الأجنبية، لحماية الصناعة الأميركية، داعياً الكونغرس إلى إلغاء نظام الرعاية الصحية الذي صدر في سلفه باراك أوباما، ووضع بديل منه. وشن هجوماً عنيفاً على الأداء الاقتصادي لأوباما، قائلاً: «هناك 94 مليون أميركي غائبون عن سوق العمل، و43 مليوناً يعيشون في فقر وأكثر من 43 مليوناً يعتمدون على برامج المساعدة الغذائية، فيما هناك شخص من خمسة في سنّ العمل، عاطل من العمل». وأضاف: «راكمت إدارة اوباما ديوناً أكثر مما فعل جميع الرؤساء الآخرين معاً. خسرنا ربع وظائفنا الصناعية منذ توقيع اتفاق التبادل الحر، وتركنا 60 الف مصنع في الصين منذ انضمت إلى منظمة التجارة العالمية عام 2001». وندّد ترامب بجرائم وممارسات عنصرية ومعادية للسامية في الولاياتالمتحدة، متعهداً «تجديد الروح الأميركية»، ومتحدثاً عن «بدء فصل جديد من الفخر الأميركي». وشدد على أن «زمن العراك على التفاهات ولى»، وزاد: «نريد الوئام والاستقرار، لا الحرب والصراع». وأكد أن الولاياتالمتحدة «ستحترم المؤسسات التاريخية والحقوق السيادية للأمم». وتعهد «حماية الأمن من إرهاب الإسلام المتطرف»، مقترحاً أن «تعمل» الولاياتالمتحدة مع دول «حليفة» مسلمة ل «القضاء» على «داعش». وأكد أن دوره ليس «تمثيل العالم، بل الولاياتالمتحدة»، مشيداً ب «زعامة أميركا التي تستند إلى مصالح أساسية من الناحية الأمنية، نتقاسمها مع حلفائنا في العالم». وأكد أن «أميركا ترحّب بأصدقاء جدد وشراكات جديدة، حيث تتحالف مصالح مشتركة»، مشدداً على أن بلاده ستواصل «دعم الحلف الأطلسي بقوة»، ومستدركاً: «على شركائنا أن يلتزموا واجباتهم المالية. وبفضل نقاشاتنا الصريحة جداً، بدأوا في ذلك». وتابع: «نتوقّع من حلفائنا، سواء في الحلف الأطلسي أو الشرق الأوسط أو المحيط الهادئ، أداء دور مباشر وذي مغزى في العمليات الاستراتيجية والعسكرية، ودفع نصيبهم العادل في الكلفة». روسيا «الصبورة» تنتظر «أفعالاً» أميركية موسكو، بكين، فيينا – رويترز، أ ف ب – أعلن ديمتري بيسكوف، الناطق باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن الكرملين سينتظر «أفعالاً» من الولاياتالمتحدة تتيح فهم مستقبل العلاقات بين الجانبين. وقال بعد خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمام الكونغرس: «سمعنا تصريحات مختلفة من الرئيس ترامب. سنصبر وننتظر أفعالاً تلي التصريحات، في شكل يتيح لنا فهم رؤى العلاقات الثنائية» بين موسكووواشنطن. الى ذلك، أعلنت الخارجية الأميركية أن الوزير ريكس تيلرسون وعضو مجلس الدولة الصيني يانغ جيتشي ناقشا في واشنطن سبل تحسين «علاقات اقتصادية ذات منفعة متبادلة» بين الجانبين والحفاظ عليها. وأضافت أنهما أكدا أهمية أن يكون هناك «تواصل منتظم على مستوى عال» بين البلدين، وبحثا في الملف النووي لكوريا الشمالية. ونسبت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) إلى يانغ قوله إن بكين مستعدة للعمل مع واشنطن ل «تعزيز الحوار على كل المستويات» وتوسيع التواصل والتنسيق في المسائل الإقليمية والدولية، مع احترام متبادل ل «المصالح الأساسية والمخاوف الكبرى» لدى البلدين. ودعا يانغ تيلرسون رسمياً الى زيارة الصين، وعلّق الأخير معرباً عن «رغبة في القيام بهذه الزيارة في مستقبل قريب»، وفقاً للخارجية الأميركية. في فيينا، قال مسؤولون إن مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو سيجري في واشنطن اليوم محادثات مع مسؤولين بارزين في إدارة ترامب، بينهم تيلرسون، في شأن الاتفاق النووي المُبرم بين إيران والدول الست، والذي كان الرئيس الأميركي اعتبره «أسوأ اتفاق أجري التفاوض في شأنه».