ينطوي التحول نحو الطاقة النظيفة والمتجددة على إمكانات هائلة لتعزيز ريادة دول الخليج المنتجة للنفط على خريطة الطاقة العالمية، على رغم التباطؤ الاقتصادي الذي يسود الأسواق الإقليمية والدولية. وأكد تقرير أصدرته «أورينت بلانيت للبحوث»، الوحدة المستقلة التابعة ل «مجموعة أورينت بلانيت»، أن «التوجّه الناشئ من شأنه تحقيق وفورات هائلة تبلغ نحو 87 بليون دولار، فضلاً عن خفض الانبعاثات الكربونية بما يصل إلى 1 غيغا طن بحلول عام 2030». وسلط التقرير، الذي حمل عنوان «الطاقة النظيفة في دول الخليج العربي»، الضوء على الفوائد المحتملة على المستويين الاقتصادي والبيئي، في حال توجّه دول الخليج نحو توظيف إمكانات النمو المتاحة ضمن قطاع الطاقة النظيفة والمتجددة. وأشارت تقديرات إلى أن تنفيذ خطط الطاقة المتجددة ضمن قطاع الكهرباء الإقليمي سيساهم في تسجيل وفورات تراوح بين 55 و87 بليون دولار، تبعاً لأسعار النفط والغاز العالمية، إلى جانب خفض الانبعاثات الكربونية، ما قد يؤدي بدوره إلى تقليص مستوى البصمة الكربونية للفرد في دول الخليج بمعدل 8 في المئة. وجاءت نتائج التقرير استناداً إلى معلومات صادرة عن «الوكالة الدولية للطاقة المتجددة» (آرينا)، التي تتخذ من أبو ظبي مقراً، والتي تشير إلى ارتفاع احتمال تحقيق وفورات كبيرة في الوقود الأحفوري ضمن قطاع الطاقة والمياه بنحو 400 مليون برميل من المكافئ النفطي بحلول عام 2030، بالتزامن مع تنامي أعداد محطات الطاقة المتجددة سنوياً. ويُتوقع أن تحقق السعودية، التي تعد المستهلك الأكبر للوقود الأحفوري في إنتاج الطاقة خليجياً، وفورات تبلغ نحو 170 مليون برميل من مصادر النفط والغاز بحلول عام 2030، أي ما يعادل 44 في المئة من إجمالي الوفورات في منطقة الخليج. وأشارت نتائج الدراسة التحليلية ل «آرينا» إلى أن «تحقيق أهداف الطاقة المتجددة يمكن أن يحدّ من استهلاك الوقود الأحفوري ضمن قطاع الطاقة في السعودية بنحو 25 في المئة بحلول عام 2030». وقال المدير العام ل «مجموعة أورينت بلانيت» نضال أبو زكي: «يتنامى الطلب على الطاقة بوتيرة متسارعة، في ظل عوامل أبرزها النمو السكاني المضطّرد، والتقدم الصناعي الهائل، والحاجة المتزايدة إلى تحلية المياه، ما دفع العالم نحو التوجه إلى استخدام الوقود الأحفوري بمعدلات عالية في سبيل تلبية متطلبات الطاقة». وساهم تعزيز احتياطات الوقود الأحفوري وتصديرها في تحقيق طفرة اقتصادية لافتة، كان لها الأثر الأكبر في دفع عجلة الازدهار والنمو والتطور في منطقة الخليج العربي. ولطالما كان موقع الاقتصادات الخليجية ضمن أسواق الطاقة العالمية مرهوناً، على مدى السنوات ال40 الماضية، بدورها الرئيس كاقتصادات قائمة على إنتاج النفط والغاز، إلاّ أنّ مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة خلال السنوات ال10 الماضية وضعت الدول الخليجية في مرتبة متقدمة بين الأسواق الأكثر نمواً في العالم. وأضاف أبو زكي: «بات الوقت مناسباً لإجراء دراسات معمقة واستكشاف بدائل مستدامة للوقود الأحفوري في منطقة الخليج العربي، لا سيّما أن الاستثمار في الطاقة المتجددة بات نهجاً عملياً فاعلاً في دفع عجلة الاستدامة في ظل وفرة الموارد المتجددة المتاحة، وعلى رأسها الموارد الهيدروكربونية». وشدد على أن «دول الخليج تتميّز بسطوع الشمس على مدار السنة ووفرة المساحات اللازمة لتطوير محطات الطاقة الشمسية الضخمة، إلى جانب المصادر الهائلة للاستفادة من طاقة الرياح والطاقة الحرارية الأرضية وطاقة الكتلة الحيوية المشتقة من النفايات، لذا لا بدّ من توحيد الجهود لتسخير الفرص الواعدة والإمكانات الهائلة المتوافرة ضمن قطاع الطاقة النظيفة في الدول الخليجية، لا سيّما في ظل النمو اللافت الذي تشهده الصناعة عالمياً». وتوقع تقرير «أورينت بلانيت»، نمو فرص العمل المباشرة وغير المباشرة الناجمة عن قطاع الطاقة المتجددة في العالم بمعدل 3 أضعاف بحلول عام 2030 مقارنةً بعام 2012، إذ ساهم القطاع في رفد سوق العمل ب5.7 مليون فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة. وتوقع أيضاً أن يساهم قطاع الطاقة الشمسية في خلق الحصة الأكبر من فرص العمل بما نسبته 85 في المئة، يليه قطاع تحويل النفايات إلى طاقة ب14 في المئة. ولفت إلى أن «قطاع الطاقة المتجددة سيقدم مساهمات قيّمة على صعيد مساعدة دول الخليج العربي في إيجاد 116 ألف فرصة عمل سنوياً».