بدا مشعر منى أمس خالياً من كل شيء، فشوارعه حفها الظلام، والسكون هو العنوان الرئيس للمكان، والحركة باتت معدومة تماماً إلا من بعض سيارات للنظافة توزعت هنا وهناك، بعد أن غادر آخر فوج من الحجاج الإندونيسيين الذين اختاروا التريث حتى آخر ساعات اليوم الثالث والأخير من أيام التشريق. وجالت «الحياة» في شوارع منى وأزقتها، ولم تلحظ إلا فوجاً أخيراً من حجاج إندونيسيين رغبوا على ما يبدو في البقاء والتريث حتى اللحظات الأخيرة من موسم الحج، مفضلين السكينة والهدوء في رمي الجمرات، والتقاط الصور التذكارية من دون إزعاج أو مضايقات. والتقت «الحياة» بأحد مرشدي آخر فوج من حجاج بيت الله الإندونيسيين، خالد العلياني، الذي أكد أن اختيار الفوج البقاء في منى حتى هذه الساعة يأتي بناء على اتفاق مسبق بينهم وبين الحملة الخاصة بهم، قبل أن تبدأ مراسم الحج، موضحاً أنهم يعيشون فرحة الوجود في منى، والتقاط الصور التذكارية التي تسجل لهم هذه اللحظات الخالدة في حياتهم. وحول وقت مغادرتهم إلى مكةالمكرمة، أكد أنهم لا يستطيعون المكوث أكثر من عصر اليوم «مساء أمس»، كونهم يرغبون في رمي الجمرة الأخيرة لهم، والتوجه للمسجد الحرام لأداء نسك الطواف، ومن ثم التهيؤ للسفر إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كونهم مرتبطين بموعد مسبق لرحلة المغادرة إلى أوطانهم. إلى ذلك، كشفت آخر التقارير الصادرة من مديرية الدفاع المدني في مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة وبعد خروج آخر فوج من الحجاج من مشعر منى عدم تسجيل أي حالات إصابة أو وفيات بين الحجاج بسبب الأمطار وأن درجة الخطورة لا ترقى لتنفيذ عمليات إخلاء للحجاج إلى مواقع الإيواء المخصصة لذلك، مع استمرار تمركز قوات الإسناد والطوارئ في مواقعها على أهبه الاستعداد تحسباً لأي تطورات. وشددت المديرية على أن الفرق والوحدات ستظل جاهزة لإخلاء الحجاج من مشعر منى، خصوصاً أولئك الذين يعودون لزيارة بعض المواقع والمزارات الإسلامية في مشعري منى وعرفات بعد انتهاء موسم الحج. وأوضحت أن مراكز الإيواء جاهزة لإخلاء أي حال إذا لزم الأمر ، مشيرةً إلى أن تطبيق خطة مواجهة السيول والأمطار سيستمر حتى خروج آخر حاج من حجاج بيت الله الحرام إلى ديارهم، ومؤكدة ارتفاع نسبة الجاهزية إلى 100 في المئة بعد تحول تنبيه الأرصاد إلى تحذير. وطمأنت حول الأوضاع في العاصمة المقدسة والمشاعر بعد هطول الأمطار خلال اليومين الماضيين، مؤكدةً أن الأوضاع تعتبر في الحدود الآمنة بعد أن سجل ارتفاع منسوب المياه إلى 16ملم بمشعر منى، ما يشير إلى أنه لا يوجد ما يدعو للقلق. من جانبها، كشفت أمانة العاصمة المقدسة استخدامها هذا العام وللمرة الأولى أكثر من 100 عامل وعشر آليات لرفع وضغط النفايات لنظافة مشعر منى ثاني وثالث أيام التشريق، إضافةً ً إلى تطبيق أحدث الوسائل لجمع أحجار الرمي من خلال شوافط آلية أسفل كل جمرة. وأكدت أن إجمالي وزن النفايات التي تم رفعها خلال يومي التاسع والعاشر من ذي الحجة بلغ أكثر من 80 ألف طن، بينما تقوم أمانة العاصمة المقدسة ببذل جهود كبيرة خلال هذه الأيام للمحافظة على الإصحاح البيئي وتقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن.