في جلسة اتسمت بحدة النقاش رفض مجلس الشورى السعودي في جلسته الأسبوعية أمس (الإثنين) توصية تدعو إلى منح القضاة امتيازات مالية وصرف بدلات عدة «بدل مرافق، بدل خادم، بدل سكن، بدل ندرة، بدل مواجهة الجمهور». وشهد المجلس تسجيل 67 صوتاً من أصوات الأعضاء ضد التوصية، كما رفضوا بالإجماع توصية تنص على إنشاء هيئة للتوثيق العدلي. وأكد عضو مجلس الشورى الدكتور فهد العنزي أن القضاة كغيرهم من موظفي الدولة يحصلون على مزايا مالية، وبالتالي فإن التوصية متحققة ولا يجد داعياً لإقرارها، مشيراً إلى أن وزارة العدل لم تتخذ إجراء لتوظيف المرأة في محاكم الأحوال الشخصية، معتبراً أن التقيد بالبصمة في التعريف بالأشخاص أمام المحاكم وكتابات العدل غير مقبول بهذه الصيغة الشاملة. من جهته، أيّد عضو مجلس الشورى عطا السبتي منح القضاة مزايا مالية أسوة بأعضاء هيئة التدريس في الجامعات لتحسين ظروف العمل للقضاة وأعوانهم، فيما رأى أن البصمة ضرورة في حال تعذر وجود بطاقة الهوية الوطنية. إلا أن عضو مجلس الشورى حمزة الشريف شدد على ضرورة دعم وزارة العدل في وضعها الحالي التي وصفها بأنها تعاني، وطالب بصرف بدل مواجهة الجمهور وبدل مرافق وبدل خادم وبدل سكن وبدل ندرة، واعتبرها مطالب مهمة للقاضي حتى تتحقق له الراحة النفسية المنعكسة على أدائه الوظيفي. بدوره، قال رئيس لجنة الشؤون الإسلامية والقضاء الدكتور إبراهيم البراهيم في رده على الأعضاء، إن القضاة لا يختصون بأي ميزات وبدلات ومحفزات للعمل في السلك القضائي، ما نتج منه تسربهم للعمل في الجامعات والمحاماة. وأوضح البراهيم أن البصمة لها دقة عالية في إثبات الشخصية، لافتاً إلى أن الهيئة العامة للتوثيق العدلي ضرورية ومهمة للأعمال التي تندرج تحت اختصاص وزارة العدل، مفيداً بأن مشروع صندوق النفقة للمرأة والطفل مطروح حالياً على طاولة هيئة الخبراء، والتوصية تنص على الإسراع في إنشاء المشروع. وانتقد أعضاء مجلس الشورى سياسة وزارة العدل في عدد القضاة المعينين البالغ عددهم 1646 قاضياً، بعد أن طرح عضو المجلس الدكتور مشعل السلمي توصيته حول التنسيق بين وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء لشغل الوظائف الشاغرة. وأكد الدكتور السلمي وجود فجوة بين عدد القضاة وعدد سكان السعودية البالغ 30 مليون نسمة، لافتاً إلى أن 2490 وظيفة شاغرة في وزارة العدل لم تكن خلال عام، بل أتت متراكمة لأعوام ماضية، باعتبار أن الأنظمة القضائية العالمية تخصص قاضياً لكل 3 آلاف نسمة. فيما كشف عضو مجلس الشورى عطا السبتي عن تخصيص قاضٍ واحد لكل 32 ألف مواطن، ولاسيما أن جميع دول العالم تحدد قاضياً لكل ثلاثة آلاف مواطن، كما انتقد وجود 2490 وظيفة شاغرة في وزارة العدل، منها 775 وظيفة ملازم قضائي، خصوصاً أن شغل وظائف الملازم القضائي ليست بالمهمة الصعبة. وأعلن أن إحصاءات حديثة تشير إلى أن لكل 32 ألف مواطن سعودي قاضياً واحداً فقط، وتصل النسبة في الدول المجاورة إلى قاضٍ لكل 3 آلاف مواطن، بينما المعدل الطبيعي قاضٍ لكل ألفي مواطن. وقال إنه تم رصد 7 بلايين ريال لتهيئة الكوادر العاملة في القطاعات العدلية، بمن فيهم القضاة، ولاسيما أنهم ليسوا موظفين عاديين، بل يفصلون في الدماء والأموال وفي الأعراض، لذلك القاضي يحتاج للوقت الكافي حتى تصبح العدالة في مجراها الصحيح. وأفاد بأن نظام القضاء المستحدث نصّ على إيجاد خمس محاكم، منها المحاكم العمالية، والمحاكم التجارية، ومحاكم الأحوال الشخصية، والمحاكم العامة، ما سيرفع عدد الوظائف الشاغرة للقضاة المتخصصين. وذهب عضو المجلس الأمير خالد بن عبدالله إلى التركيز على المواصفات التي لا بد من أن يتصف بها القضاة، المتمثلة في التركيبة الشخصية للقاضي، مضيفاً: «لا يركز على الجانب العلمي في تعيين القضاة خصوصاً اتزان الشخصية، من دون أن تكون لديه علل أو اعتلالات».