أكد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ان المملكة العربية السعودية قامت بدورها في «الانتفاضة المباركة على الشقاق والهوان»، بعدما رأت ان مصير الامة «مهدد وآمالها مبعثرة ومستقبلها مظلم، في ظل طموحات عالمية واقليمية لها اهدافها المشبوهة»، وشدد على ان حكومته التزمت خططها التنموية على الرغم من الأزمات المالية والاقتصادية الحادة التي حلت بالعالم، وتمكنت من المحافظة على ما تحقق من إنجازات والاستمرار في مسيرة التنمية. جاء ذلك في كلمة ألقاها الملك عبدالله في افتتاح اعمال الدورة الخامسة لمجلس الشورى السعودي في الرياض امس، وفي كلمة ثانية مكتوبة وزعت على اعضاء المجلس. (راجع ص 4) وقال خادم الحرمين: «ان التحديات التي تواجه أمتكم سواء على صعيد الوطن، أو الأمة العربية والإسلامية تفرض علينا جميعاً... مسؤولية مضاعفة لمواجهة التحديات التي يأخذ بعضها برقاب بعض، فمن عدوان إسرائيلي عبث بالأرض فساداً، إلى خلاف فلسطيني بين الأشقاء هو الأخطر على قضيتنا العادلة من عدوان إسرائيل، يوازيه خلاف عربي وإٍسلامي يسرُّ العدو، ويؤلم الصديق، وفوق هذا كله طموحات عالمية وإقليمية، لكل منها أهدافه المشبوهة». واضاف: «وفي هذا الجو الملبّد بالسواد، ترى الشعوب العربية مصيرها مهدداً من الآخر، وتشعر بأن آمالها مبعثرة ومستقبلها مظلم. لكن الأمة المؤمنة لا تيأس من روح الله، فمن عمق المعاناة والجراح استذكرت تاريخها الحافل بالانتصارات، فانتصرت على يأسها، وانطلقت من سفح الواقع المرير إلى قمة التحدي، متجاوزة ذاتها، ساعية إلى جمع الشمل، وتوحيد الصف والكلمة، وسوف نستمر - بإذن الله - حتى يزول كل خلاف». وتابع: «لقد كان من نعم الله على دولتكم أن قامت بدورها في هذه الانتفاضة المباركة على الشقاق والهوان، ويعلم الله بأننا كنا في كل خطوة اتخذناها نضع نصب أعيننا شعبنا العريق، مدركين إيمانه العميق بربّه، وتمسكه بعروبته، وحرصه الشديد على وحدة أمته العربية والإسلامية وعزّتها». واكد الملك عبدالله ان المملكة سعت طيلة السنوات الماضية «لنشر ثقافة التسامح والحوار في المجتمع الدولي، بعدما اضعفت الحروب والصراعات وما صاحبها من طرح لمفهوم صدام الثقافات قيم المحبة والسلام في المجتمع الدولي، وأقحمت الأديان في الصراعات ونهج التطرف... وهذا الوضع ألقى علينا مسؤولية إسلامية وإنسانية دفعتنا نحو المبادرة لتشخيص الواقع الدولي وتقديم ما نرى أنه مشروع حضاري للخروج من مأزق الخلل الأخلاقي والسياسي. وجاء نداء مكةالمكرمة الى شعوب العالم وحكوماته على اختلاف أديانهم وثقافاتهم ليؤطر الرؤية الإسلامية ويحدد منهج العمل الإسلامي تجاه ما يحيط بالبشرية من أزمات أخلاقية، وخلافات سياسية، وصدام ثقافي». واشار خادم الحرمين من جهة ثانية الى ان العالم «شهد في الأشهر الأخيرة أزمة مالية حادة أعقبتها صدمات اقتصادية عنيفة عانى منها الجميع. ولم تكن بلادكم بمنأى عن التداعيات الاقتصادية للأزمة المالية العالمية. لذا باركت حكومتكم الجهود الدولية الرامية لمواجهة هذه الأزمة المالية، وضمن هذا التوجه شاركنا في اجتماع قمة العشرين الاقتصادية في واشنطن بغية احتواء الأزمة المالية والتقليل من آثارها. ولقد كشفت هذه الأزمة عن بعض الجوانب السلبية، وعن الخلل الملحوظ في الرقابة على القطاعات المالية، خصوصاً في المراكز المالية العالمية، كما أظهرت أنه لا يمكن الاعتماد على آلية السوق في مفهومها التقليدي لتحقيق الاستقرار المالي العالمي، ما أوجد حاجة ماسة لتطوير مؤسسات وأنظمة للرقابة على القطاعات المالية العالمية». وزاد: «لقد انتهت مرحلة من مراحل النظام الاقتصادي والمالي العالمي، وبدأت مرحلة جديدة تتشكل، ونأمل أن تتسم هذه المرحلة بالضوابط الموضوعية التي تحقق الاستقرار المالي، والأمن الاقتصادي، والرفاه الاجتماعي لشعوب العالم (...) وعلى رغم الأزمات المالية والاقتصادية الحادة التي حلت بالعالم ومنها انخفاض أسعار البترول في الأسواق العالمية إلى أسعار متدنية، فقد التزمت حكومتكم خططها التنموية وما خُصص لها من اعتمادات مالية، ويرجع ذلك إلى فضل الله وتوفيقه، ثم صلابة الأسس التي ُبني عليها الاقتصاد السعودي، وإلى سلامة السياسات المالية التي نأخذ بها».