أبرقت وأرعدت سماء مشعر منى ثم أمطرت، لتغسل قطرات الماء التي بدأ انهمارها ظهر أمس مشقة الفريضة عن جموع حجاج بيت الله الحرام، الذين انطلقوا فرادى وجماعات صوب منشأة الجمرات ليختتموا شعائر «فريضة العمر» بالرمي، قبل أن يلملموا حاجاتهم ويغادروا إلى مكةالمكرمة، حيث لاحقتهم رحمة السماء. وفي مكة، سالت المياه في مختلف الشعاب والطرقات مسببة حال ربكة مرورية، خصوصاً بعد تسببها في تعطيل الحركة المرورية إثر تعرض بعض المركبات إلى أضرار مختلفة. بدوره، كشف مدير مركز عمليات الحج اللواء محمد القرني تلقي مركزه إنذاراً عن هطول الأمطار التي شهدها مشعر منى عصر أمس (الخميس) على عكس الأمطار التي هطلت مساء أول من أمس (الأربعاء) التي كان البلاغ عنها مجرد تحذير. وقال ل «الحياة»: «بدأت الدفاع المدني فور تلقي الإنذار في تطبيق خطة الطوارئ للتعامل مع الأمطار والسيول بمشاركة القطاعات ذات العلاقة البالغة 18 قطاعاً»، موضحاً أن غرفة العمليات يتواجد بها مندوبون لهذه القطاعات كافة لديهم الصلاحيات الكاملة في اتخاذ القرار والتصرف، ما يعطي انسيابية وتحركاً أسرع في تطبيق مثل هذه الخطط. وأوضح أن منسوب الأمطار التي شهدها مشعر منى أمس كان 16 مليمتراً، في حين شهدت العاصمة المقدسة أمطاراً غزيرة وصل منسوبها إلى 26 مليمتراً، إلا أنه نفى أن تكون تلك الأمطار قد تسببت في أي إصابات أو خلافها للحجاج أو المخيمات التي يقيمون فيها. وأضاف اللواء: «إن 1200 عنصر من الشبكات والسلالم شاركت في تنفيذ خطة الطوارئ بشأن أمطار أمس، إضافة إلى دعم إضافي لمشعر منى بزيادة 30 وحدة إنقاذ ومعدات إنارة وإيجاد عدد من آليات النقل الثقيل»، لا فتاً إلى أن الدفاع المدني وغرفة العمليات كانتا تتابعان الأمطار التي هطلت على مشعر عرفات تحسباً لحدوث سيول، إذ كانت الأخيرة تتابع الوضع حتى زوال الخطر، مؤكداً بدء الدفاع المدني فور تلقي الإنذار بهطول الأمطار في بث رسائل نصية للحجاج بعدم الخروج من المخيمات خلالها والابتعاد عن مواقع تجمعات المياه، ولم تقف التحوطات في هذا الشأن حتى مغادرة السحب العاصمة المقدسة صوب محافظة الطائف وعودة الأوضاع إلى طبيعتها. وفي سياق ذي صلة، أعلن اللواء القرني جريان العمل في مشروع تقني لتمكين الحاج الذي لا يعرف طريقة الاتصال بغرفة العمليات من التواصل معها من طريق الاتصال على رقم الخدمة في بلده وبالتالي تحويل المكالمة تلقائياً إلى عمليات الجهة الأمنية في المشاعر لتلقي بلاغه. وحول أمطار أمس، أكد أن الطيران العمودي كان له دور مهم خلالها في استطلاع المنطقة ومناطق تجمعات المياه ومجاري الأودية والسيول حتى منطقة الهدا وإبلاغ العمليات الأرضية للتعامل مع أي طارئ، مشيراً إلى وجود آلية خصوصاً للتعامل مع قطار المشاعر الذي تم إيقافه خلال هطول المطر وتواجد الآليات والمعدات المختصة في جميع المحطات. وقلل اللواء من تلقي بلاغات كاذبة، لا فتاً إلى أنها محدودة جداً وتتم من هواتف ثابتة تستقبلها عمليات العاصمة المقدسة، مفيداً أن غرفة عمليات الحج تتابع مرافق المشاعر كافة من خلال كاميرات موزعة في المواقع كافة، إذ يتم تسجيل أي حدث أو بلاغات بالصوت والصورة كي يمكن العودة إليها ولو بعد أعوام. في المقابل، أوضح الناطق الإعلامي للدفاع المدني في الحج الرائد عبدالله العرابي الحارثي: أنه فور ورود تحذير الرئاسة العامة للأرصاد في تمام الساعة 3.25 عصراً لمركز القيادة والسيطرة بشأن سقوط أمطار غزيرة على العاصمة المقدسة والمشاعر، تم تخصيص عدد من الوحدات وفرق الحماية المدنية والسلامة لرصد مواقع تجمع مياه الأمطار في مشعر منى والعاصمة المقدسة، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع وصولها إلى مخيمات الحجاج، وتوفير مسارات بديلة لحركة الحجاج، تحسباً لتسرب المياه إلى شبكات الأنفاق ومتابعة شبكة تصريف مياه الأمطار مع إسناد الموقف بعدد 17 فرقة إنقاذ قوارب وخمس فرق إنقاذ و25 آلية ثقيلة وخفيفة مجهزة تجهيزاً كاملاً للمواقع المعرضة للخطر من قوة الطوارئ والإسناد، كما تم دعم الموقف ب 14 فرقة إنقاذ من عرفة ومشاركة طائرات الدفاع المدني العمودية. وأضاف أن الفرق والوحدات كانت جاهزة لإخلاء الحجاج من مشعر منى إلى مراكز الإيواء إذا استلزم الأمر ذلك حيث تم تطبيق خطة مواجهة السيول والأمطار وارتفعت نسبة الجاهزية إلى 100 في المئة بعد تحول تنبيه الأرصاد إلى تحذير. وأشار الحارثي إلى أن الأوضاع في العاصمة المقدسة والمسجد الحرام والمشاعر، مطمئنة وفي الحدود الآمنة، وأنه لا يوجد ما يدعو للقلق، إذ لم يتم تسجيل أي حالات إصابة أو وفيات بين الحجاج بسبب الأمطار، وأن درجة الخطورة لا ترقى لتنفيذ عمليات إخلاء للحجاج إلى مواقع الإيواء المخصصة لذلك، مع استمرار تمركز قوات الإسناد والطوارئ في مواقعها على أهبة الاستعداد تحسباً لأي تطورات قد تحدث.