لندن – رويترز - ربما تتخلّف الأسواق الناشئة الجديدة وهي الأقل تقدماً في العالم عن ركب الأسواق الناشئة، في ظل احتمال ارتفاع معدلات التضخم، بسبب جولة ثانية من طبع النقود في الولاياتالمتحدة، ما يمكن أن يكون أشد ضرراً على هذه الاقتصادات دون غيرها. وتترقب الأسواق الناشئة الكبيرة في المقابل، موجة جديدة من السيولة الباحثة عن العائد الأعلى، بعدما أعلن مجلس الاحتياط الفيديرالي (البنك المركزي الأميركي)، إنفاق 600 بليون دولار لشراء سندات ضمن جولة ثانية من التيسير الكمي. وأدى التراجع الحاد في عائدات سندات الخزينة الأميركية، منذ إطلاق الجولة الأولى من التيسير الكمي في آذار (مارس) عام 2009، إلى اتجاه المستثمرين إلى الأسواق ذات العائد الأعلى. لكن تخلّفت الأسواق الناشئة الجديدة، التي تضم بعض دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، عن الركب في تحقيق المكاسب. وانتعشت اقتصادات مجموعة «بريك» السريعة النمو، التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين، وأفضت التدفقات الضخمة على أدوات الدين المحلية، إلى أن تفرض بعض الدول مثل البرازيل قيوداً رأسمالية كي لا تتأثر صادراتها بارتفاع عملتها. وقدّر معهد التمويل الدولي التدفقات الرأسمالية العالمية على الأسواق الناشئة، ب825 بليون دولار هذا العام، و833 بليوناً عام 2011 بارتفاع كبير عن مستويات عام 2008 البالغة 594 بليون دولار. لكن تقديرات التدفقات على منطقة أفريقيا والشرق الأوسط، التي تشمل أيضاً أسواقاً ناشئة أكثر تقدماً مثل جنوب أفريقيا، بلغت 86 بليون دولار و85 بليوناً هذا العام وعام 2011 على التوالي، متراجعة عن مستوى عام 2008 البالغ 88 بليون دولار. ولا تبدو تدفقات المستثمرين على الأسواق الناشئة الجديدة أشدّ بطئاً وتحفظاً فحسب، بل يمكن أن يكون الأثر السلبي لارتفاع التضخم أشد وطأة فيها. وتوقع رئيس مجلس إدارة «القلعة» للاستشارات المالية في القاهرة أحمد هيكل، أن يكون «أثر الجولة الثانية من التيسير الكمي سلبياً». ولفت إلى أن الجولة الأولى «سببت ارتفاعاً ملموساً في أسعار الغذاء، وستكون الجولة الثانية استمراراً لها». واستبعد «تراجع أسعار الغذاء على المدى القريب، ما سيشكل ضغوطاً تضخمية على أجزاء كثيرة من أفريقيا». ويشكّل تضخم أسعار الغذاء تحديداً «قلقاً» للأسواق الناشئة الجديدة، إذ ينفق الفقراء الجزء الأكبر من دخلهم على الغذاء، وتمثّل أسعار الخبز والحبوب في نيجيريا مثلاً، نسبة 25 في المئة من سلة تضخم أسعار الاستهلاك. وأشار محللون لدى «كابيتال ايكونوميكس»، إلى أن مؤشر «جي سي أس آي» الزراعي لأسعار المنتجات الزراعية، ويشمل القمح والذرة وفول الصويا، سجل «مستوى مرتفعاً قياسياً الأسبوع الماضي». وكلما أضعفت الولاياتالمتحدة الدولار من خلال طبع الأموال، ازداد خطر ارتفاع سعر النفط المقوم بالدولار، ما يضغط بدوره على صناعات أخرى من بينها الزراعة. وأشارت «كابيتال ايكونوميكس» في مذكرة إلى زبائنها، إلى أن «أسعار الغذاء العالمية المرتفعة، ستشكل مزيداً من الضغط التصاعدي على التضخم الإجمالي في اقتصادات كثيرة في الأشهر المقبلة في الولاياتالمتحدة، والاقتصادات الناشئة التي يشكل الغذاء فيها وزناً كبيراً في سلة تضخم أسعار المستهلكين». كما أن إحجام المصارف عن الإقراض يسبب استياء عالمياً أكثر شيوعاً في الأسواق الناشئة الجديدة، حيث تواجه هذه البلدان نقصاً في السيولة. ولفتت مديرة بحوث أفريقيا لدى «بنك ستاندرد تشارترد» راضية خان، إلى أن «أفريقيا «لم تشهد عودة لصناديق التحوط التي استفادت من السيولة الميسرة قبل الأزمة، ما يفسر جزئياً عدم تلقي الأسواق الناشئة الجديدة في افريقيا نوعية التدفقات ذاتها التي استقطبتها الأسواق الناشئة الأخرى». ولاحظت أن «ارتفاع العملة في الأسواق الناشئة الأفريقية لم يكن جلياً، بقدر ما كان في دول مثل جنوب أفريقيا، على رغم أن أسواق القارة ليست محكومة بضوابط رأسمالية صارمة». ويُرجح أن تجتذب جولة إضافية من التيسير الكمي مزيداً من الأموال إلى أسواق العملة وأدوات الدين الأفريقية، ويجب أن تأتي التدفقات سريعاً كي لا يقوض التضخم آفاق النمو في أفريقيا. وحذّرت خان، من خطر على الدول الأفريقية، يتمثل في «ارتفاع ملحوظ لأسعار النفط أو الغذاء قبل ارتفاع العملات الأفريقية». لكن شدد مستثمرون، على أن الأسواق الناشئة الجديدة «ستستفيد حتماً من الاندفاع نحو الأصول ذات العائد المرتفع».