كان يوماً عادياً في بريطانيا. فلا تكاد تجد أي حراك بريطاني ولو مقالة واحدة يكتبها أحد البريطانيين عن وعد بلفور الذي ما زال يجلب الخراب والدمار في فلسطين، والدول العربية، والعالم الإسلامي، وينذر بحرب قد تكون الأخيرة. بريطانيا عليها ان تتحمل – ولو بعد حين - تبعات ومظالم وعد بلفور المشؤوم، وما حلّ بالشعب الفلسطيني ووطنه وقضيته من اقتلاع وتهجير وسفك دماء وتطهير عرقي، ومآسٍ ما زالت متواصلة. هذا الوعد حمل معه الشيطان، وشكّل لاحقاً نقطة ارتكاز لانطلاق المشروع الصهيوني وارتكاب المجازر بحق شعب طيب ومسالم تسبب بهجرته وحوّله إلى لاجئين. الخطيئة التاريخية لبريطانيا ما زالت تنجب كل الشرور في العالم؛ فنرى الاحتلال يدعم تمرد السودان ويقتل علماء العراق ويوقد الحروب في مختلف أنحاء العالم؛ وهذا ما كان له أن يحصل لو لم تعمل بريطانيا على جلب يهود العالم إلى فلسطين. بريطانيا بوعدها لم تفعل خيراً للعرب والمسلمين، وهي أيضاً لم تفعل خيراً لليهود، وان بدا في ظاهره غير ذلك؛ لأنه في المحصلة لا بد من حرب تطيح بدولة الاحتلال فيكون اليهود ضحايا لوعد بلفور. لم يحدث في التاريخ أن قامت دولة بشرعية باطلة، وعلى المجتمع الدولي تصحيح الخطأ التاريخي، والطرق الى ذلك معروفة، ولكن من الصعب ان ينصفنا الغير ما دمنا ضعفاء، لأن الضعيف لا تجوز عليه غير الشفقة، وقليل من دموع التماسيح. الذكرى الأليمة من المفروض أن تدفع الفلسطينيين إلى سرعة المصالحة وتعزيز ثقافة الوحدة؛ لأن الفرقة تشكل تربة خصبة للاحتلال ليمارس هوايته في تشتيتنا ونهب المزيد من الأراضي. لا يضيع حق وراءه مطالب. وبريطانيا لن تسلم من تواصل المطالبات بالاعتراف بجريمتها، هذا في الوقت الحالي مع حالة الضعف العربي والإسلامي، ولكن في حال قُوي العرب فان المطالبات ستكون بالإرغام؛ وعندها لن ينفع بريطانيا خبثها ودهاء ساستها، وعندها سيتحرك ضميرها الميت بالقوة لا بالعطف والشفقة.