«لم نحصل على تصاريح»، و«لا نستطيع أن ندفع قيمة حملات الحج»، كانت هذه العبارات هي كل ما ينطق به الحجاج المخالفون عند المداخل الرئيسة لمكةالمكرمة، الذين وللعام الثالث على التوالي منذ إطلاق حملة «لا حج بلا تصريح» اختاروا المشي سيراً على الأقدام للوصول إلى المشاعر المقدسة غير آبهين بكل التحذيرات التي سبقت موسم الحج الحالي، وبكل الطرق الممكنة وغير الممكنة. وقبيل صلاة مغرب يوم التروية بساعات جالت «الحياة» على عدد من نقاط التفتيش عند مداخل الحجاج، ورأت كيف أن مئات العائلات (مواطنة كانت أو مقيمة) بذلت الغالي والرخيص، وقدمت كل ما تملك في سبيل أن تتجاوز كل الحواجز الأمنية وغير الأمنية المفروضة عليها في سبيل أن تدخل إلى مكة وتصل إلى المشاعر المقدسة. رفعت محمود (حاج من إحدى الدول العربية)، رفض فكرة أن يطلق عليه حاج مخالف، خصوصاً عندما واجهته «الحياة»، بهذه العبارة، وقال: «لا لست حاجاً مخالفاً، إنني حاولت أن أحصل على تصاريح لي ولأسرتي فلم أستطع». وترك المكان من دون أن يكمل حديثه، مؤكداً أنه سيصل إلى مكة وإلى الأراضي المقدسة مهما كلفه ذلك. وشاهدت «الحياة» من قرب كيف كان يعج أحد مواقع التفتيش الرئيسة بالقرب من مكة (طريق جدة - مكة القديم)، بمئات الحجاج الراجلين الذين اختاروا السير على الأقدام طريقةً للتحايل على النظام، والوصول إلى هدفهم الذي رسموه لذلك. وللمرة الثالثة خلال أعوام مضت تبدو طريقة الحجاج المخالفين في الهرب من نقاط التفتيش مألوفة غير مستغربة، خصوصاً من رجال الأمن القريبين من موقع الحدث، فما إن يقترب الحاج من نقطة «التفتيش»، وعلى بعد أمتار، حتى يبدأ في الترجل من سيارته التي يستقلها إن كان بمفرده أو حتى مع عائلته، ويطلق لرجليه الريح مجتازاً عباب المسافات سيراً على الأقدام حتى يتجاوز تلك النقطة على مرأى ومسمع من كل الجنود المرابطين فيها، ضارباً قبل ذلك موعداً للالتقاء مع قائد المركبة بعد أمتار معدودة من نقطة التفتيش. وأشار أحد قائدي المركبات (ينقل الحجاج المخالفين) عبدالله العلياني إلى أن المردود المادي يعد الأهم في كل هذه المسألة، وقال: «لولا المبالغ المالية التي نحصل عليها، ما كنا لنخاطر بأرواحنا في سبيل هذه الفئة من الحجاج»، مؤكداً أن مجمل هذه المبالغ المادية تصل إلى 1500 ريال للفرد الواحد، خصوصاً للحاج الذي لا يحمل تصريحاً. وفي هذا الصدد، لفت إلى أن مبالغ نقل الحجاج المخالفين أو الذين لا يحملون تصاريح، تتفاوت بحسب بعد أو قرب المسافة التي يتم من خلالها نقل الحاج، وتابع: «تبدأ أسعار نقل الحجاج المخالفين في الارتفاع حتى تصل إلى أقصاها صباح يوم عرفة، حتى قبيل مغيب شمس ذات اليوم»، مشيراً إلى أن حركة نقل الحجاج المخالفين تتوقف نهائياً بعد غروب شمس يوم عرفة. يذكر أن قائد قوات الجوازات في الحج العقيد عائض تغاليب اللقماني أعلن إعادة 42500 ألف حاج مخالف منذ بدء حملة «لا حج بلا تصريح» لهذا العام، إضافةً إلى 42 شخصاً كانوا ينقلون 3161 ألف حاج غير نظاميين، فضلاً عن 20 حافلةً كان بداخلها1250 شخصاً يحملون تصاريح مزورة من عصابات امتهنت تزوير تصاريح الحج.