لو أن أحداً من خارج المملكة شاهد أو سمع الأصوات التي انطلقت تهاجم الأمير خالد الفيصل، وقراره بسعودة حلقات تحفيظ القرآن، لظنّ أن السعودية قد شهدت حدثاً على أيدي الشيوعيين الذين وضعوا على رأس برنامجهم تعطيل القرآن الكريم، لكن من رحمة الله بنا أن خطابهم من الجهل والسطحية بحيث لا تجد فيه مفهوماً يتسق مع آخر، وعلى رغم أن كل جملة تكاد أن تكون قنبلة هيدروجينية، لكن القنبلة التي تليها تنقلب عليها وتفككها. محسن العواجي الذي خرج في قناة فضائية يهدر ضد قرار سعودة مدرسي حلقات تحفيظ القرآن، أخذ يتقلب من عذابه على جمر الهوى والعداء حتى كاد المذيع أن يقول له أنت صاحي؟! يقول العواجي إن الأمير خالد الفيصل عطّل القرآن، ووضح لنا جزاه الله خيراً من هم معطلو القرآن في التاريخ، بأن استدل بقول الشيخ ناصر العمر خبير المفرقعات المنبرية الذي قال: «إن القرآن عطل في مكة في عصر القرامطة وهجوم جهيمان على الحرم والآن على يد خالد الفيصل». تصوروا أن القرآن الذي عطله قرار الأمير هو نفسه الذي تدرّسه مدارسنا يومياً، ويُقرأ في مساجدنا وفي الصلوات، وتحفظه البيوت والمكتبات العامة، وتوزعه المملكة في الداخل وفي الخارج مجاناً، ويترجمه مجمع الملك فهد للمصحف الشريف إلى 44 لغة وطبع منه 193 مليون نسخة ووزع منه على حجاج بيت الله مجاناً 20 مليون نسخة. يصيح أخونا العواجي في الفضائيات مستنكراً القرار الذي شرد الآلاف «أن القرار الذي اتخذه الأمير لم يأت متدرجاً كما حصل مع سعودة سواقي الليموزين وبائعي سوق الخضار» فلا بأس أن يسوق بنا الأجانب، ويبيعوننا الأجانب، فلماذا لا يدرّس الأجانب أبناءنا في حلقات تحفيظ القرآن؟ عليكم أن تسمعوا القنبلة الأخرى حين يقول «إن من افتتح حلقات تدريس القرآن ليسوا أهل مكة مهبط القرآن، وليسوا أهل الدعوة الإصلاحية أهل محمد بن عبدالوهاب، بل هو شيخ هندي جاء ودرس على يد مشايخنا وافتتح المشروع، فما الضير أن تكمله الجاليات الهندية والباكستانية والأفغانية والمصرية، ثم القنبلة التي تليها في قوله «إن المملكة لا تملك الحرم المكي الشريف بل تديره، وبالتالي يجب علينا أن نفهم من هذا الاستدلال العظيم أن حلقات القرآن ليست ملكاً لنا بل هي لكل المسلمين، وكل المسلمين يحق لهم أن يأتوا لبلادنا ويصوغوا أفكار أبنائنا! إن هذا الخطاب وغيره من الخطابات تحتاج فيه إلى مكبر بحجم الشمس لتعثر فيه على رائحة أو أثر للشعور بالوطنية أو معنى الوطن، فالأيديولوجية التي تغذيه هي أيديولوجيا تقول بحكم الإسلام، وليس لهذا الإسلام سوى رأي واحد وصوت واحد هو صوتهم ورأيهم، فلا تستغربوا أن يأتي يوم وتجدونهم يطالبون بأكثر من ذلك. [email protected]