لم تخطئ عين الجائل في شوارع مكة هذه الأيام رؤية جائل آخر، القاسم المشترك بينهما أن الأخير باحث عمّا في جيوب المزدحمة بهم مكة (حجاج بيت الله)، إذ اكتظت شوارع مكة بالباعة الجائلين بالقرب من مواقع الحجاج ومقار بعثاتهم لمزاولة نشاطات تصل إلى حد الطبخ على قارعة الطريق وتحضير وجبات ساخنة لا تتوافر فيها أقل عناصر النظافة أو الصحة لتقديمها لأبناء جلدتهم القادمين لأداء النسك، فضلاً عن عرض منتجات وبضائع تصل إلى حد الفاسدة وغير الصالحة، مستغلين توافد حجاج بيت الله واكتظاظ المدينة بضيوف الرحمن. واقتربت «الحياة» من إحدى البائعات التي اتخذت من الحطب موقداً للطبخ، وافترشت جانب الطريق بطاولة وكراسٍ لاستقبال الزبائن أمام مقر حجاج أفارقة، وقالت عن نوعية المأكولات التي كانت تعدها في تلك اللحظة: «إنها «الويكة» (وهي مخلوط من البامية المطحونة بعد تجفيفها) وغيرها من المأكولات الأفريقية الشهيرة مثل «الساريه باللحم» التي يكثر عليها الطلب من بني جلدتها، وأيضاً «العصيدة» مع الإيدام يضاف عليها «الدقس»، إلى جانب بعض المأكولات الأخرى مثل «المديدة» و«الويناه» و«الكوسي»، إضافة إلى المقبلات مثل« الودده» و«البركونو»، مشيرة إلى أن شهر الحج يعتبر موسماً جيداً لها ولرصيفاتها إذ يتم بيع المأكولات الأفريقية التي تجيد طهيها النساء الأفريقيات ولا تتوافر في مطاعم مكة النظامية. وفيما كانت «الحياة» تتجول وسط باعة الأطعمة، صادفت فرقاً من البلديات الفرعية التابعة للعاصمة المقدسة تنفذ جولات تفتيشية، إذ أكد مسؤولو هذه الحملات أنهم يعتبرون عمل هؤلاء النسوة ظواهر سالبة ويشددون على محاربتها، إذ شملت الجولات عدداً من أحياء مكةالمكرمة التي تكثر فيها تجمعات الحجيج (مثل حي الشوقية والهنداوية والعتيبية). من جانبه، أوضح رئيس بلدية الشوقية المهندس محمد طه فقيه أنه وبمتابعة قسم الأسواق نفذت البلدية حملة دهم لمنطقة المسالخ في الكعكية التي يكثر فيها الطبخ العشوائي من الجالية الأفريقية وينتشر فيها البائعة الجائلون، إذ تمت مصادرة قدور الطهي والأطعمة وجميع وسائل الطبخ التي ضبطت معهم، مشيراً إلى أن الفرق التفتيشية مستمرة في عملها على مدار الساعة لمطاردة هؤلاء الباعة ومحاربة ظاهرة الطبخ العشوائي. بدوره، أفاد رئيس بلدية العتيبية المهندس مهاب عبادة أن فرق التفتيش التابعة لبلديته صادرت أثناء جولتها التفتيشية أمس (السبت) 150 جالون ماء زمزم مخلوط مع مياه أخرى في أحد أحواش شارع المنصور تم إتلافها فوراً قبل ترويجها على ضيوف الرحمن. وفي الصدد ذاته، أبان مساعد رئيس اللجنة الصحية عبدالحافظ معروف تركستاني أن فريقاً من المتخصصين في الشؤون الصحية وقف على مطعم متخصص في الوجبات الإندونيسية في حي الهنداوية يعد وجبات غذائية لحجاج جنوب شرق آسيا الموجودين في العمائر السكنية المحيطة بالمحل، تبين عدم حصول المحل على التراخيص اللازمة، وأن العاملين فيه يفتقدون اشتراطات السلامة الصحية ولا يحملون شهادات صحية، كما سجل الفريق ملاحظات عدة حول سوء النظافة وسوء إعداد الوجبات داخل المحل، ومن ثم رفع تقرير للإدارة العامة لصحة البيئة لاتخاذ الإجراءات اللازمة.