دُق في جنيف جرس إنذار للقطاع المصرفي السويسري الذي لم يلتزم ثلثا مؤسساته بعد بالنظم والقوانين الجديدة التالية للأزمة المالية العالمية، وسط تأكيدات على صعوبة استمرار المؤسسات المصرفية الصغيرة ما لم تدخل في ائتلافات واندماجات. وأظهرت دراسة حديثة أعدتها «جامعة سانت غال» والشركة الاستشارية «كي بي إم جي» ونشرتها أول من أمس صحيفة «لا تريبون دو جنيف»، ان ثلثي المصارف الخاصة السويسرية لم تنخرط بعد في النظم الجديدة المطبقة خصوصاً في الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي، متوقعة ان تكون النتائج دراماتيكية على بعض المصارف، ومشيرة إلى ان اندماج المصارف قد يكون ضرورياً لاستمرارها. وأفادت الدراسة بأن «الأمر الذي لا يمكن تفاديه هو اختفاء بعض المؤسسات المصرفية باستثناء المؤسسات الكبيرة التي يتوقع ان تقاوم هذه التغيرات». ويقترح الأمين العام ل «جمعية المصارف الخاصة» ميشال دوروبير حلاً يقضي بإنشاء مؤسسات مصرفية جديدة وفقاً لمبادئ أسواق المال العالمية، مشدداً على ضرورة الاحترام الكامل لقوانين بلدان الزبائن، خصوصاً ان دراستين آخريين أكدتا ان سويسرا تبقى في وضع حرج ما لم تعتمد القوانين الجديدة بعدما تبين ان 70 في المئة من الودائع في مصارفها لم يُعلن عنها. ويقترح أيضاً ان تنشئ المصارف فروعاً لها في المراكز الرئيسة للأسواق المالية العالمية، وهذا مشروع كبير جداً. وحضت الصحيفة المصارف السويسرية على ان تعيد النظر في تركيبتها فوراً، خصوصاً ان ثلثيها يتجاهل تطوير نهج عمله بما يتناسب مع الأنظمة الجديدة وهذا التأخير ينعكس سلباً على أعمالها وبالتالي على هامش ربحيتها. وأضافت: «مع سرية مصرفية أو من دونها، يجب على المصارف الخاصة ان تعيد النظر بآلية إدارة ثروتها في شكل طارئ، من أجل مواجهة التحدي المهم المتمثل بالتماشي مع السياسات الجديدة، خصوصاً الأوروبية والأميركية، للحفاظ على الزبائن الخارجيين الذين يملكون حصة كبيرة من الودائع فيها، لكن هذه المصارف لم تعتمد تلك الأنظمة بعد، ويفاجئ هذا البطء البعض، علماً ان على هذه المصارف في السنوات المقبلة مواجهة تحديات لميزاتها التنافسية، خصوصاً السرية المصرفية». وأضافت: «في الواقع تتزايد الرسائل حتى أصبح أكثر وضوحاً ومفادها ان الوضع الراهن لم يعد قابلاً للحياة». ونقلت عن رئيس مصرف «كانتونال فودواز» باسكال كيينير قوله لمجلة «برايفت بانكينغ»: «إذا ما نظرنا إلى ما يجرى في الخارج، يتبين ان علينا إيجاد حل لعملية إدارة الثروة». وتصف دراسة «جامعة سانت غال» الوضع الحالي بأنه «صعب جداً». ووفقاً للناطق باسم «كي بي إم جي» أندرياس هامر، فإن «معدل النمو السنوي المؤلف من رقمين الذي كان متوقعاً للقطاع، أصبح أمراً غير ممكن، خصوصاً ان الأنظمة تؤثر أكثر في هامش ربحية المؤسسات». وكان معظم المؤسسات المصرفية توقع نمواً بحدود 10 في المئة في السنوات المقبلة. وتؤكد الدراسة ان على المصارف السويسرية البالغ عددها 119 مصرفاً كي تتمكن من الاستمرار، ان تتأقلم مع الوضع الراهن من خلال تطابق كلي لنشاطاتها مع قوانين بلدان الزبائن، وهذا يتطلب جهوداً كثيفة على المستويين المالي والقانوني. ويقول المسؤول السويسري في مجموعة «كي بي أو جي» ايف ميرمو ان «ما تقوم به المصارف الخاصة، خصوصاً على صعيد إيجاد موارد جديدة، أمر ذو جدوى إذ يتزامن مع اقتراح لإنشاء مجلس عالمي للإرث، على ان تتضمن صلاحياته الأمور المتعلقة بالإرث وشراء المباني والعقارات وبيعها، لكن كل هذه الجهود لا تكفي».