تضمنت زيارة الرئيس بشار الاسد وعقيلته السيدة أسماء الى بلغاريا ورومانيا، والتي اختتمت امس في بوخارست، التأكيد على ضرورة الافادة من التقارب الجغرافي والثقافي بين الشرق الاوسط وشرق اوروبا ل «وضع رؤية لتعاون إقليمي». ودعا الرئيس الروماني ترايان باسيسكو الى الانطلاق من رمزية الجسر العملاق الذي بناه المهندس ابولودور الدمشقي قبل نحو ألفي سنة الى توسيع الرؤية السورية لربط البحار الخمسة (المتوسط والاسود وقزوين والاحمر والخليج العربي) لتشمل الدول المتشاطئة على الدانوب الذي يصب في البحر الاسود، وتضم بلغاريا ورومانيا، اضافة الى سلوفاكيا والنمسا وكرواتيا التي زارها الرئيس السوري في الفترة السابقة، وهنغاريا التي تشهد مستقبلا زيادة في وتيرة الاتصالات. كما يزور الاسد اوكرانيا قبل نهاية العام، وهي منفذ بحري لبيلاروسيا التي زارها قبل نحو ثلاثة اشهر. وزار باسيسكو وعقيلته صباح امس الرئيس السوري وعقيلته في مقر إقامتهما. وافاد بيان رئاسي ان الأسد وباسيسكو «اكدا عزمهما على دفع علاقات التعاون بين البلدين في المجالات كافة والارتقاء بها إلى المستوى الذي يتناسب مع مكانة البلدين وموقعهما الاستراتيجي المهم وضرورة متابعة تنفيذ الاتفاقات التي تم توقيعها بين البلدين وتفعيل دور اللجنة الوزارية المشتركة واستكشاف آفاق جديدة للتعاون بين البلدين الصديقين». وتم الاتفاق ايضا على «اهمية استمرار التشاور بين قيادتي البلدين والعمل من اجل خدمة امن واستقرار منطقتيهما». كما بحث الأسد مع أعضاء اتحاد غرف التجارة الرومانية وغرفة التجارة المشتركة «الآفاق المستقبلية للتعاون الاقتصادي بين البلدين ودور رجال الاعمال من جهة وحكومتي البلدين والجهات التشريعية من جهة اخرى، في توفير المناخ الملائم لدفع هذا التعاون قدما بما يتناسب ومستوى العلاقات التاريخية». وأفاد بيان رئاسي ان الرئيس السوري «قدم شرحاً موجزاً عن الاجراءات والقوانين والتشريعات السورية في مجال الاستثمار والتي تهدف إلى توفير مناخ استثماري إيجابي ومشجع للمستثمرين الأجانب»، مؤكداً «اهمية مضاعفة الجهود لزيادة الاستثمارات المتبادلة وحجم التبادل التجاري بين البلدين الصديقين والارتقاء بالعلاقات الاقتصادية الى مستوى متقدم يلبي تطلعات الشعبين التنموية». كما دعا رجال الاعمال الى «القيام بدور مهم وأساسي من أجل تحقيق الهدف الذي تسعى سورية إليه وهو ربط البحر المتوسط بالبحر الأسود في مجال النقل البحري والسككي والطاقة وغيرها من المشاريع الحيوية كجزء من مشروع أوسع يشمل ربط البحار الخمسة». وأشار البيان الى ان اعضاء غرف التجارة «أكدوا ان فرص التعاون في المجال الاقتصادي كثيرة وواعدة وأبدوا حرصهم على ترجمة الإرادة السياسية والرغبة المشتركة لدى قيادتي البلدين في تعزيز التعاون الاقتصادي والبحث عن آفاق جديدة تؤسس لشراكة استراتيجية تخدم مصالح الشعبين الصديقين وشعوب المنطقتين». كما استقبل ممثلين عن الجالية السورية في رومانيا التي يقدر عددها بين 13 و15 الفا. وكان الرئيس الاسد التقى رئيس الوزراء ايميل بوك بحضور وزير الخارجية السوري وليد المعلم والمستشارة السياسية والاعلامية في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان. ونقل البيان الرئاسي عن الاسد تأكيده «أهمية الافادة من عوامل التقارب الجغرافي والثقافي بين منطقتي الشرق الأوسط وشرق أوروبا بهدف وضع رؤية لتعاون إقليمي يشمل ربط البحار الخمسة وإقامة مشاريع مشتركة في مجالات متعددة أهمها نقل النفط والغاز والطاقة الكهربائية تعود بالمنفعة على دول المنطقتين». وكان الرئيس الروماني قال في خطاب ألقاه خلال حفلة عشاء رسمية مساء اول من امس: «رؤانا ومصالحنا الاقتصادية متوافقة، واستراتيجية البحار الخمسة تلتقي وتكمل رؤيتنا الموسعة للبحر الاسود «، داعياً الى الاستثمار سوية في الروابط الكثيرة التي يوفرها هذا النهر. وقال: «امامنا فرص ممتازة وانني على يقين من انه ستكون لدينا الحكمة، والارادة موجودة، لاستثمار الفرص». وجرى في اللقاء مع رئيس الوزراء بحث آفاق السلام في الشرق الاوسط، وأكد الأسد أن «إسرائيل تواصل عرقلة جميع المبادرات والجهود الرامية إلى إحلال السلام العادل والشامل في المنطقة، الأمر الذي يتطلب موقفاً دوليا حازماً لإلزامها بمتطلبات السلام»، لافتاً إلى «أهمية الدور الذي يمكن أن تقوم به أوروبا في حل مشكلات المنطقة». واعرب بوك عن اهتمام بوخارست «تطوير علاقاتها مع سورية باعتبارها بلدا مهما في المنطقة وعن تقديره لدور سورية البناء حيال قضايا الشرق الأوسط». ونوّهت الدكتورة شعبان بنتائج الزيارتين الى بلغاريا ورومانيا اللتين «تندرجان ضمن رؤية الأسد وسورية لتحسين الوضع الاقليمي والوضع بين دول البحر المتوسط والبحر الأسود. وهذه الرؤية تلقى قبولاً وتشجيعاً من قادة الدول التي يزورها الرئيس الأسد»، مشيرة إلى أن بوك «طرح خلال اللقاء توسيع عملية الربط هذه الى دول نهر الدانوب باعتبارها (الرؤية) مشروعاً استراتيجياً مهماً جداً ليس فقط لدول البحار الخمسة وانما لدول الدانوب أيضا». وبعدما قالت ان منطقتي الشرق الأوسط وأوروبا «متجاورتان تتبادلان التأثير السلبي والايجابي في أي من الأحداث»، اشارت الى جهود سورية لاقامة شبكات الربط في مجالات الطاقة والنقل وسكك الحديد ل «تعزيز السلام والاستقرار في هذه المناطق. هذه الرؤية الاستراتيجية التي بدأ الرئيس الاسد يعمل على انضاجها، سواء مع تركيا والأردن ولبنان والعراق وايران وامتدادات هذه المنطقة إلى جنوب وشمال البحر الاسود تلقى دعماً سياسياً واقتصادياً وثقافياً وحضارياً» من هذه الدول. وقالت شعبان رداً على سؤال ل «الحياة» يتعلق باتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي ان «سورية تريد الشراكة التي تحقق لنا مصالحنا وتدفع باقتصادنا الى امام» وان مسودة اتفاق الشراكة تخضع للدرس من الجهات السورية المختصة «كي نضمن انها تلبي مصالحنا نحن وليس فقط ما يريده الاتحاد الاوروبي». الى ذلك، دعت وزيرة الاقتصاد لمياء عاصي امس ممثلي نحو 120 شركة رومانية وسورية الى الافادة من نقاط القوة الموجودة لتعزيز العلاقات والتعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين.