صادق البرلمان الأوروبي اليوم (الأربعاء) على اتفاق «التبادل الحر» بين الاتحاد الأوروبي وكندا المثير للجدل وسط تظاهرات لناشطين مناهضين للاتفاق ودعوات للحمائية على غرار تلك التي يدعو إليها الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وصوت البرلمان الذي عقد في ستراسبورغ في فرنسا بغالبية 408 مقابل 254 صوتاً لصالح الاتفاق مع امتناع 33 عضواً عن التصويت. وتتيح هذه المصادقة التطبيق المشروط للاتفاق ابتداء من الشهر المقبل. وكانت دول الاتحاد الأوروبي وكندا وقعت رسمياً على الاتفاق في أواخر تشرين الأول (أكتوبر) بعد سبع سنوات من المحادثات الصعبة، وبعد التغلب على معارضة منطقة والونيا البلجيكية على الاتفاق. واحتشد حوالى 700 شخص أمام البرلمان اليوم للتعبير عن معارضة الاتفاق. وقام عدد من المحتجين بارتداء اقنعة طبية وأغلقوا مدخل مبنى البرلمان قبل أن تفرقهم شرطة مكافحة الشغب. وكتب المحتجون على إحدى اللافتات «الموافقة على الاتفاق هو دوس على الناس». وعقب موافقة البرلمان الأوروبي على الاتفاق، سيلقي رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو كلمة أمام البرلمان شخصياً غداً. ويعتبر قادة الاتحاد الاوروبي الاتفاق انتصاراً لنظام التجارة العالمي المتعثر والمهدد من قبل ترامب الذي يعارض اتفاقات التجارة الدولية. أما معارضي الاتفاق المعروف اختصاراً ب «سيتا» فإنهم يعتبرونه خطراً على الصحة والديموقراطية وحكم القانون. وقال النائب الألماني في البرلمان الأوروبي مانفريد ويبر، رئيس «حزب الشعب الأوروبي» المحافظ، أكبر مجموعة في البرلمان، إن «الاتفاق هو أفضل اتفاق تجاري توصل إليه الاتحاد الأوروبي على الإطلاق. وسيقرب بين كندا وأوروبا بشكل أكبر». ولا يزال عدد من الجوانب المثيرة للجدل في الاتفاق، من بينها نظام محكمة المستثمرين، يتطلب مصادقة دول الاتحاد الاوروبي، وهو الأمر الذي يمكن أن يستغرق سنوات. ويشعر الاتحاد الأوروبي بالتفاؤل حيال الاتفاق ويصفه بأنه الأكثر عصرية في أوروبا، ويقول أنه سيصبح نموذجاً لاتفاقات لاحقة ومن بينها اتفاق مع بريطانيا عقب خروجها من الاتحاد الأوروبي. وبموجب الاتفاق فسيتم إلغاء 99 في المئة من الجمارك على السلع غير الزراعية بين الجانبين، وهو ما يعد انتصاراً للمصدرين من الجانبين. وبعكس اتفاقات التجارة التقليدية، فإن هذا الاتفاق يوائم القوانين في شأن قضايا من بينها الصحة والبيئة والتي تعتبر مصدر قلق كبير للناشطين. ومن بين القضايا الرئيسة التي تزعج معارضي الاتفاق اقتراح إقامة محاكم خاصة لتسوية النزاعات بين المستثمرين والسلطات المحلية. ويعتقد المعارضون أن هذا البند يمنح سلطات كبيرة للشركات المتعددة الجنسيات التي ستستخدم محاميها الأقوياء لتقويض القوانين المحلية. وقالت مرشحة الرئاسة الفرنسية مارين لوبن اليمينية المتطرفة إن «الشركات المتعددة الجنسيات ستتمكن من مهاجمة الحكومات في نظام محاكم يموله القطاع الخاص». إلّا أن كبيرة المفاوضين الأوروبيين في شأن الاتفاق المفوضة سيسيليا مالمستروم، قالت أمام البرلمان إن «لا شيء في هذا الاتفاق يقوض حق الحكومة في فرض قوانينها لخدمة الصالح العام». ويأتي التصويت في وقت حساس للغاية بالنسبة للتجارة العالمية حيث من المقرر أن تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فيما يرفض الرئيس الأميركي اتفاق التجارة مع آسيا والمحيط الهادئ. ويتوقع أن يتخلى ترامب عن اقتراح مشابه لعقد اتفاق مع الاتحاد الأوروبي يعرف باسم «شراكة التجارة والاستثمار عبر الأطلسي». والتقى ترودو ترامب الإثنين في واشنطن. وتوعد ترامب بأن يضع «أميركا أولاً» وإلغاء اتفاق التجارة بين أميركا الشمالية وكندا والمكسيك، إلا أنه خفف من لهجته بشكل كبير بعد لقائه مع ترودو.