نيقوسيا - ا ف ب - عندما تدق ساعة الصفر في الاستاد الأولمبي في مدينة روما إيذاناً بانطلاق المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا في كرة القدم بين فريقي مانشستر يونايتد الإنكليزي حامل اللقب وبرشلونة الإسباني بعد غد، فإن كثيرين سيعتبرون أن ثمة قواسم مشتركة كثيرة بين الفريقين هذا الموسم، أدناها الظفر بالزعامة الأوروبية، وسقفها الأعلى الفوز بثلاث بطولات هذا الموسم. لكن حين تتجه الأنظار إلى المنطقة التي يقف فيها عجوز وشاب، فإن الشعور يتولد بسرعة أن هناك فارقاً كبيراً بين مدرب مانشستر يونايتد صاحب ال67 عاماً السير اليكس فيرغوسون، ومدرب برشلونة ابن ال 38 عاماً غوسيب غوارديولا. فحين تولى فيرغوسون مهمته التدريبية الأولى في فريق إيست ستريلنغشاير الأسكتلندي وكان يبلغ يومها 32 عاماً، فإن غوارديولا لم يكن تعدى الثالثة، وتكفي الإشارة إلى ما تناولته صحيفة «ميرور» البريطانية قبل أيام عندما ذهبت للقول إنه بينما كان البعض يتعلم الأحرف الأولى كان "فيرغي" يصعد إلى منصات التتويج. وتحول مدرب «الشياطين الحمر» الذي كان يتقاضى 40 جنيهاً أسترلينياً في الأسبوع ويعمل بدوام كامل مع إيست، إلى أكثر المدربين إحرازاً للألقاب في تاريخ الكرة الإنكليزية. وعلى رغم أن «السير» يقترب من إكمال عامه الثالث والعشرين مع مانشستر، إلا أنه لا يزال يعيش الحماسة المفرطة للارتقاء إلى مستوى التحدي وإحراز الألقاب المحلية والخارجية التي جمع منها أكثر من 25 لقباً حتى الآن، وهو يقف مرة أخرى متابعاً لزملائه في المهنة يحزمون حقائبهم للخروج من ميادين المنافسة والبحث عن مغامرة جديدة مع ناد آخر، بينما يبدو مرتاحاً إلى وضعه وداعياً الأندية لإعطاء الفرصة لمدربيها بعدما ذاق بنفسه خيبة البداية ومعنى النهوض من الكبوات للسير على طريق المجد. فبعد عجز استمر طوال أربعة مواسم ضاق خلالها جمهور «اولدترافورد» ذرعاً بما يقدمه هذا الأسكتلندي، كان الفوز بكأس إنكلتراعام 1990على حساب كريستال بالاس وبهدف للمدافع لي مارتن بمثابة سفينة الإنقاذ التي أبحرت في ما بعد نحو لقب الدوري للمرة الأولى منذ 26 عاماً، لتنطلق رحلة السيطرة شبه المطلقة على الصعيد المحلي. وصحيح أن فيرغوسون لم يكن يومها ذلك المدرب الذي يتمتع بفلسفة تكتيكية هائلة على غرار مواطنه مات باسبي، الذي كان الأفضل وصاحب الأرقام القياسية في مانشستر قبل وصوله، إلا أنه نجح بفعل حسن إدارته لمشروعه الهادف للتركيز على قطاع الناشئين وإيجاد شبكة واسعة من الكشافين لاقتناص أفضل المواهب الواعدة، حتى أنه لم يتردد في زيارة أولياء أمور هؤلاء اللاعبين لإقناعهم بجدوى انضمام أبنائهم إلى مانشستر. وبموازاة ذلك، فإن الأسلوب الصارم الذي اتبعه للتخفيف من وهج نجومية لاعبيه، مضطلعاً بدور المفاوض الأول عند إتمام العقود أو تمديدها، دفع البعض للتخلي عن القميص الأحمر، ومنهم بول اينس وديفيد بيكهام وغوردون ستراكان والترينيدادي دوايت يورك والهولنديان ياب ستام ورود فان نيستلروي، ومع ذلك بقي صامداً بوجه كل العواصف، موجهاً سهام كلامه القاسي إلى الكثيرين من «أهل الدار» قبل الخصوم، وكان آخرهم النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو الممتعض من تغييره في مباراة مانشستر سيتي في الدوري المحلي قبل فترة. ولم يعد السؤال في اولدترافورد عن الألقاب بقدر ما تحول لمعرفة التوقيت الذي سيعلن فيه فيرغوسون اعتزاله التدريب. وكانت وسائل إعلام بريطانية ذكرت العام الماضي أن اليكس فيرغوسون، الذي كان أعلن اعتزاله قبل 8 أعوام، لا يعتقد بأنه سيستمر في العمل بعد بلوغه سن السبعين. ونقلت عنه قوله: «يجب أن تفكر في الوقت من أجل نفسك. أعتقد أن زوجتي التي أقنعتني بالتراجع عن قرار الاعتزال في المرة الماضية لن تفعل ذلك الآن». غوارديولا الشاب في المقابل، لا يمكن تجاهل ما فعله غوارديولا مع الفريق الكاتالوني هذا الموسم بدءاً بقيادته إلى لقب كأس اسبانيا، ثم إلى لقب الدوري المحلي، والى النهائي. ويرى الخبراء أن برشلونة مع «بيب» يمثل نموذجاً مثالياً لفريق كرة القدم، فهو صلب في الدفاع ورائع في منتصف الملعب وحاسم في الهجوم ما خوله تسجيل أكثر من 100 هدف في الدوري، الأمر الذي سمح له بسحق خصومه، لعل أبرزهم الغريم التقليدي ريال مدريد الذي أسقطه بسداسية على ملعبه في سانتياغو برنابيو. وكان قائد برشلونة السابق تولى تدريب الفريق في 9 تموز (يوليو) الماضي خلفاً للمدرب الهولندي المقال فرانك ريكارد، وهو ما اعتبره البعض أمراً مفاجئاً، لكونه لا يملك خبرة تدريبية على مستوى المسابقات الكبيرة. ولعل النجاح الذي حققه غوارديولا دفع إذاعة «رامبلا» الكاتالونية للقول إنه «لا يوجد في هذه الأيام من يتحدث عن خوان لابورتا (رئيس النادي)، لان نجاحات غوارديولا أنقذته من فقدان منصبه الرئاسي». غوارديولا «ابن برشلونة» اقنع بالفعل المنتقدين والجماهير وهو يرى ان بإمكانه قيادة الفريق للفوز بدوري أبطال أوروبا، على رغم أن الفريق المقابل يقوده رجل خبير هو اليكس فيرغوسون. ويبدو أن المدرب الساعي لتحقيق اللقب كمدرب بعدما ظفر به كلاعب عام 1992، يريد تكرار ما فعله سلفه فرانك ريكارد الذي قاد برشلونة للبطولة عينها عام 2006 على حساب الارسنال الانكليزي الذي يقوده مدرب خبير أيضاً هو الفرنسي ارسين فينغر. يستند المدرب الشاب في كلامه إلى ترسانة النجوم التي يملكها وفي مقدمها الأرجنتيني ليونيل ميسي هداف المسابقة برصيد 8 أهداف والكاميروني صامويل ايتو هداف الدوري الاسباني والفرنسي تييري هنري الذي تحوم الشكوك حول مشاركته، إضافة إلى المدافع الصلب بويول وانييستا. ترعرع غوسيب في النادي وسجل اسمه ضمن الجيل الذهبي الذي قاده الهولندي الطائر يوهان كرويف، وفاز مع «البرسا» بالعديد من الألقاب المحلية والخارجية قبل أن ينتقل إلى ايطاليا للعب مع روما ثم بريشيا ثم أنهى مسيرته مع الأهلي القطري. بدأ مسيرته التدريبية في الموسم الماضي مع الفريق الثاني في برشلونة وقاده للصعود إلى دوري الدرجة الثالثة. ويبقى القول ان «امتحان روما» سيقدم مشهداً ربما يعتبره البعض متناقضاً لكن النهاية السعيدة لأي من المدربين هي التي ستقول كلمة الفصل.