ركزت محادثات الرئيس السوري بشار الأسد ونظيره البلغاري جورجي برفانوف في صوفيا أمس على وضع «استراتيجية قوية ومتينة» للعلاقات بين البلدين و «فتح آفاق مستقبلية» في جميع المجالات، استناداً الى الإرث التاريخي، مع الأخذ في الاعتبار التطورات الحاصلة في العالم في العقدين الماضيين. ونوه الرئيس الأسد بموقف بلغاريا الداعم لموقف سورية في إطار اتفاق الشراكة مع أوروبا، لافتاً الى انه شرح خلال المحادثات مع برفانوف موقف دمشق الداعم لعملية السلام في الشرق الأوسط، وانه شجع بلغاريا لتلعب الدور الممكن لدفع إسرائيل للتحرك قدماً في مجال عملية السلام. وجدد برفانوف دعم بلاده المطالب المشروعة لسورية باستعادة الجولان، منوها ب «الدور الإيجابي» لدمشق في عملية السلام. وكان الأسد وعقيلته السيدة أسماء بدأا أمس زيارة رسمية الى صوفيا، هي الأولى للرئيس السوري منذ 24 سنة. وجرت مراسم استقبال رسمية قبل عقد المحادثات بين الأسد وبرفانوف. ويضم الوفد السوري وزير الخارجية وليد المعلم والمستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان ووزيرة الاقتصاد لمياء عاصي. كما أجرى الأسد لقاء مع رئيس الوزراء بويكو بوريسوف. ومن المقرر أن يبدأ الأسد وعقيلته اليوم (الأربعاء) زيارة رسمية الى رومانيا تستمر يومين. وكان الجانبان السوري والبلغاري وقعا، في اختتام المحادثات بين الرئيسين، اتفاقين للتعاون في مجالي البيئة والإعلام بحضور الأسد وبرفانوف. وقال الأسد في مؤتمر صحافي أن الجانب السوري شعر أن الصداقة التي بنيت عبر عقود ماضية لم تذهب على رغم تأثرها بعوامل مر بها العالم خلال العقدين الماضيين، لافتاً الى أن محادثاته ترمي الى «إحياء هذه العلاقات وإعادة الدفء إليها، منطلقين في ذلك مما بنيناه في العقود الماضية وفي الوقت نفسه الأخذ في الاعتبار التطورات التي حصلت وتوجهاتنا نحو المستقبل. وركزنا اليوم على كيفية وضع استراتيجية قوية ومتينة لهذه العلاقات تفتح الآفاق أمامها» إضافة الى كيفية ربط الموقع المهم لبلغاريا على البحر الأسود ولسورية على البحر المتوسط، لافتاً الى أن تطور العلاقات بين سورية وتركيا يدفع باتجاه المشاريع الاستراتيجية، ذلك أن بلغاريا هي جار مباشر لتركيا. وقال انه لا بد من التكامل في البنية التحتية بين سورية وبلغاريا وتركيا. وقال الأسد رداً على سؤال إن «العلاقة مع الاتحاد الأوروبي مهمة لسورية: أولاً، لأن الاتحاد الأوروبي جار من الناحية الجغرافية. ثانياً، لأنه قادر على القيام بدور مهم في حل مشاكل المنطقة. وهناك عملية تفاعل يومي بين المنطقتين سواء كانت إيجابية أو سلبية». وزاد إن الشيء الجيد أن الاتحاد الأوروبي بكل دوله يعرف أن مشاكل الشرق الأوسط لا يمكن أن تبقى معزولة وستنعكس في شكل مباشر على أوروبا، لافتاً الى أن الحوار مع الأوروبيين يركز على فهم حقيقة المشاكل في الشرق الأوسط والى أن السنتين الأخيرتين شهدتا قفزة في التقارب في التحليل، لكن يبقى أن تطور العلاقات مرتبط بكيف يقدم الاتحاد الأوروبي نفسه على الساحة الدولية، وأن ذلك يعتمد على الحوار الأوروبي - الأوروبي والحوار الأوروبي - الأميركي والحوار بين الأوروبيين ودول الشرق الأوسط. وكان برفانوف أعرب في بداية المؤتمر الصحافي عن «الارتياح» لنتائج المحادثات و «الحوار الفعال جداً الذي تشهده علاقاتنا في جميع المجالات في الفترة الأخيرة». وقال: «لم نتطرق الى الماضي بقدر ما تطرقنا الى آفاق المستقبل. نحن على يقين أن هذا الحوار السياسي الفعال سيتحول الى دافع قوي للإمكانات المستخدمة لزيادة التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي»، مشيراً الى مبادرة بعض الشركات البلغارية للمشاركة في مشاريع البناء والمرافق العامة والنقل في سورية. ونحن كدولة ندعم هذا التوجه». وافتتح وزيرا الاقتصاد في البلدين بعد ظهر أمس منتدى للتعاون بين قطاع الأعمال الخاص، بحضور أكثر من خمسين رجل أعمال سوري. وبحث الطرفان في التعاون في مجال النقل والطاقة والمواد الغذائية والسياحة. وتابع برفانوف: «أجمعنا على تطوير التعاون في مجال الطاقة. ضمن هذا النطاق فان بلغاريا التي تبني محطتها الثانية للطاقة (محطة بيليني) مستعدة لتصدير الطاقة الكهربائية الى سورية التي لديها نقص في مجال الطاقة»، لافتاً الى أن بلغاريا وسورية ستجريان المحادثات مع «شركائنا في تركيا وأذربيجان ودول بحر قزوين والبحر الأسود لبحث إمكانات نقل النقط والغاز ضمن شبكة العلاقات الثنائية والمتعددة».