تتجه لعبة عض الأصابع بين «حزب الله» وحلفائه من جهة وقوى 14 آذار من جهة ثانية، وبين قوى المعارضة عموماً ورئيس الجمهورية ميشال سليمان في موضوع إحالة ملف شهود الزور على المجلس العدلي، كما يطالب «حزب الله»، الى ساعة الحسم نتيجة إصرار الأخير على إحالة الملف على التصويت في مجلس الوزراء الذي أدى اتفاق بين سليمان ورئيس الحكومة سعد الحريري الى دعوته الى الاجتماع غداً الأربعاء وفي رأس جدول أعماله هذا الملف. وفيما أكدت مصادر معنية بالاتصالات لإيجاد مخرج للتعاطي مع هذا الملف على أساس التوافق بدل التصويت، أن الساعات المقبلة ستشهد تكثيفاً لهذه الاتصالات ومواكبة حثيثة لاستمرار التواصل السعودي – السوري الجاري على قدم وساق حول أفكار تساعد على هذا المخرج، فإن التحرك الغربي والأميركي في اتجاه لبنان يتصاعد هو الآخر، لا سيما الأميركي منه، إذ زار رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي جون كيري بيروت أمس، ثم دمشق. وجاءت الزيارة في ظل معطيات تفيد بأن النشاط الغربي في اتجاه لبنان يستهدف إحداث توازن مع الدعم السوري لقوى المعارضة في حملتها على المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ومطالبتها بإعطاء الأولوية لملف شهود الزور تمهيداً لتجميد عمل المحكمة في ملف جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ريثما يبت القضاء اللبناني ملف هؤلاء الشهود. وقالت وكالة «سانا» السورية الرسمية للأنباء بعد اجتماع عقده كيري مع الرئيس السوري بشار الأسد أن الأول «أكد أهمية مواصلة الانخراط مع سورية لترسيخ الأمن والاستقرار وتحقيق السلام في المنطقة». وقال المسؤول الاميركي: «نريد ان تكون سورية قوة بناءة من اجل السلام مع لبنان ومع اسرائيل وفي المنطقة، وان تساعدنا في ما يتعلق بالتحديات القائمة مع ايران»، مشيرا الى ان «سورية يمكنها ان تستفيد الى حد بعيد من العلاقة بين الولاياتالمتحدة والغرب التي ستلي مثل هذا العمل». كما نقلت «سانا» عن الرئيس الأسد إشادته برغبة الرئيس أوباما في تحقيق السلام في المنطقة، مجدداً رغبة سورية وسعيها للسلام الشامل والعادل، ومعتبراً أن المشكلة الحقيقية في الجانب الإسرائيلي الذي يرفض السلام. وإذ اختار كيري الوثيق الصلة بالرئيس الأميركي وسياسته الخارجية وأحد الداعمين الأساسيين لسياسة الانخراط الإيجابي في الحوار مع سورية، بيروت مدخلاً لزيارته دمشق، فإنه حرص، بعد لقائه كلاً من سليمان والحريري، على التأكيد «أننا نتطلّع الى سورية للعب دور بنّاء في الأيام المقبلة تجاه ما يحصل في لبنان». حتى أنه، وفي سياق تأكيده أكثر من مرة التزام أوباما باستقلال المحكمة الدولية وان بلاده «لا تعلم ماذا يحصل في مسار عملها ولا علاقة لنا بإدارتها»، حرص على أن يطمئن «حزب الله» من دون تسميته حين قال: «أياً كانت نتائج المحكمة فإنها لن تكون موجهة ضد مجموعة محددة من الناس ولا ضد طائفة معينة أو وجهة نظر، بل ستحدد أشخاصاً معنيين وعلى هذا الأساس علينا أن نحكم على عملها». ونقل كيري عن الرئيس سليمان قلقه حيال التوتر القائم اليوم في لبنان وقال إن أوباما والولاياتالمتحدة ممتنون جداً للقيادة الثابتة والحازمة التي يظهرها الرئيس الحريري. وأضاف: «نفهم أن من الصعب إيجاد التوافق (داخل الحكومة) لكننا نعتقد أن الرئيس الحريري أظهر رؤية وقيادة». وأوضح أن الحريري «ليست له السلطة لتغيير المحكمة ولا للبنان هذه السلطة». وإذ أشار الى التوتر في لبنان طالب الفرقاء الذين «في موقع التأثير في القرارات التي يجب أن تتخذ في الأيام المقبلة بالتفكير في قدرة لبنان المستقبلية والفرص الاقتصادية أمامه والمتعلقة بالسياحة. فكل هذا يتأثر بالخيارات التي ستتخذ في الأيام المقبلة». وكانت المداولات المحلية والتأزم في شأن ملف شهود الزور وإصرار «حزب الله» على عقد جلسة هذا الأسبوع لمجلس الوزراء من أجل بته، تكثّفت خلال اليومين الماضيين فتبلغ الوزراء بجدول أعمال الجلسة غداً، أول بنوده شهود الزور. وشملت هذه الاتصالات أيضاً، وفق مصادر مطلعة توافقاً بين الرئيسين سليمان والحريري على تجنب التصويت وعلى السعي لتغليب التوافق وعلى العمل في الساعات الفاصلة عن عقد الجلسة في هذا الاتجاه. وذكرت أوساط مقربة من الحريري أنه يؤيد التوافق لأن اتفاق الدوحة شدد على ذلك وأن المعارضة نفسها كانت تصر على التوافق في القضايا الحساسة. واجتمع رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط يرافقه وزراؤه الثلاثة مع الرئيس سليمان. وقال جنبلاط عن جلسة غد: «فليكن التصويت آخر الأدوية ولكن علينا أن نتحاور للوصول الى الصيغة المثالية لمواجهة القرار الظني». وعاد الى التمييز بين القرار الظني والمحكمة لأن قرارها دولي، مكرراً ما سبق للحريري أن أعلنه من مواقف ومعتبراً أنه على استعداد لأن يناقش «بشكل توافقي قضية القرار الظني». وعلمت «الحياة» أن الرئيس سليمان أبلغ جنبلاط أنه لا يستطيع إلا أن يدعو الى عقد جلسة لمجلس الوزراء «إذ على القوى كافة أن تتحمل المسؤولية ولا يجوز أن يبقى مشلولاً وألا تعالج الحكومة شؤون الناس وبالتالي علينا جميعاً التعاون للخروج من المأزق». وذكرت مصادر المجتمعين أن سليمان وجنبلاط اتفقا على تجنب التصويت في الجلسة لمصلحة التوافق وإعطائه الأفضلية. وذكرت مصادر وزارية ل «الحياة» أنه إذا استمر إصرار «حزب الله» وحلفائه على التصويت على إحالة ملف شهود الزور على المجلس العدلي فإن النتائج ستتوقف على إدارة الموضوع من قبل الرئيس سليمان. وأشارت المصادر الى أنه ليس بالضرورة أن تكون النتيجة لمصلحة ما يريده أركان المعارضة وبالتالي فإن السؤال الذي يُطرح، هو هل يمكن أن تحصل انسحابات من الجلسة، وما هي تداعيات عدم فوز المعارضة بخيارها إحالة الملف على المجلس العدلي بعد الجلسة؟ وأوضحت المصادر أن الرئيس الحريري يبدي إيجابية في التعاطي مع الموضوع ويبدي انفتاحاً على أفكار توافقية. وهو اتصل أول من أمس برئيس البرلمان نبيه بري.