كابوس تحوّل إلى واقع كانت نهايته صادمة للعاملين في الصحافة المصرية وللقراء على حد سواء. إذ توقفت صحيفة «البديل» المستقلة ذات التوجه اليساري، بعد أقل من سنتين على صدورها. جاء قرار توقف «البديل» عن الصدور يومياً في القاهرة، بعدما واجهت الجريدة أزمة مالية استمرت أشهراً عدة. وكان مقرراً أن تصدر الصحيفة أسبوعياً في 5 الشهر الجاري، لكن المشروع تعطل لأسباب مجهولة. ويعلق رئيس مجلس إدارة الجريدة عادل المشد على الأمر موضحاً: «تتفاوض الجريدة مع عدد من رجال الأعمال للدخول في شراكة وتوسيع القاعدة الإدارية والمالية للصحيفة، إذ ثمة نية لإعادة الإصدار في شكل يومي والتراجع عن فكرة الطبعة الأسبوعية. ويفترض أن تعاود الطبعة اليومية إصدارها في خلال شهر تقريباً». ويتوقع المشد حدوث تغير طفيف في الخط التحريري للجريدة بعد الشراكة الجديدة مع رجال أعمال. وعانت الجريدة من سوء الأوضاع المالية، ما أدى إلى ضعف أجور العاملين فيها. وهذا ما دفع عدداً من صحافييها - بدعمٍ من رموز القوى السياسية المؤيدة - الى توزيع منشور داخل مقر الجريدة يحمل عنوان: «نداء عاجل لإنقاذ الصحيفة». وبحسب رئيس تحرير «البديل» خالد البلشي، «كان يُفترض أن يُرفع رأسمال الجريدة من 5 ملايين جنيه مصري إلى 20 مليوناً، إلا أن الأزمة العالمية التي ضربت استثمارات ممولي الجريدة حالت دون ذلك، فضلاً عن أن بعض الجهات أوقفت تمويلها بسبب توجه الجريدة اليساري، كما أثرت الأزمة المالية على الشركات التجارية التي تعتبر الرافد الأساسي للإعلانات المدفوعة، في وقت فرضت الدولة حصاراً على الجريدة عبر حرمانها من الإعلانات». ونفى البلشي أن يكون وراء التوقف أي ضغوط سياسية. وعن مصير محرري الجريدة، أشار رئيس القسم الثقافي في «البديل» سيد محمود الى أن المحررين المعينين، والذين يبلغ عددهم 86 لن يُستغنى عنهم، أما بالنسبة إلى المحررين غير المعينين فسيحدد مصيرهم مجلس الإدارة. وأضاف محمود: «يتردد أن المصري هشام قاسم، أحد أشهر الناشرين العرب والعضو المنتدب السابق لجريدة «المصري اليوم»، سيتولي مهمة إنشاء الجريدة مجدداً. لكن لم يتم التأكد من صحة المعلومة». وعلقت «الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان» على الوضع، معتبرة ان «الخسائر التي تتحملها الحكومة عن إحدى جرائدها مثل جريدة «روز اليوسف» في يوم واحد، كانت تكفى لموازنة شهر كامل لجريدة «البديل»، لكن الأخيرة تعبر عن فئات وشريحة واسعة من المواطنين، على عكس «روز اليوسف» التي تعبر عن لجنة السياسات في الحزب الوطني الحاكم. هذه هي القضية، ولتذهب حرية الصحافة والنشر إلى الجحيم». وأدى قرار توقف الإصدار اليومي الى ظهور حالة من التعاطف والتأييد على المستويين الشعبي والصحافي، حتى انه دشنت مجموعات مؤازرة عدة على موقع «فايس بوك» وغيرها من المنتديات الإلكترونية لجريدة أثرت سوق الصحافة المصرية بالكثير من الانفرادات الصحافية التي فجرت قضايا شغلت الشارع المصري، علماً أن لليساريين المصريين صحفاً ومجلات أسبوعية وشهرية شتى تعود بواكيرها إلى عشرينات القرن الماضي، منها جريدة «الأهالي» الأسبوعية الناطقة باسم حزب «التجمع» وصحيفة «الكرامة».