ذكرت مصادر ديبلوماسية أوروبية ل «الحياة» أن زيارتي الرئيس بشار الأسد الى بلغاريا ورومانيا ستؤديان الى «إعادة الدفء الى العلاقات التاريخية على أساس المصالح المشتركة»، مشيرة الى أن بلغاريا ورومانيا، اللتين تشاطئان البحر الأسود، تريدان أن تكونا جزءاً من رؤية سورية لربط البحار الخمسة: المتوسط، الأحمر، الأسود، قزوين والخليج العربي. ويبدأ الرئيس الأسد وعقيلته السيدة أسماء غداً (الثلثاء) أول زيارة رسمية الى صوفيا، يبحث خلالها مع نظيره البلغاري جيورجي بارفانوف في مواضيع مشتركة وتطوير العلاقات بين البلدين ويتم خلالها توقيع عدد من الاتفاقات لوضع أرضية قانونية لتطوير العلاقات بين البلدين. ويضم الوفد السوري وزير الخارجية وليد المعلم والمستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان ووزيرة الاقتصاد لمياء عاصي ومعاون وزير الخارجية عبد الفتاح عمورة. وكان رئيس الوزراء البلغاري بويكو بوريسوف زار دمشق في نيسان (أبريل) الماضي وبحث مع الرئيس السوري في «العلاقات الثنائية وأهمية تطويرها والحرص على تعزيز التعاون في المجالات كافة خصوصاً السياسية والاقتصادية منها بما يساهم في استعادة دفء العلاقات التي تعود إلى عشرات السنين وبما يحقق مصلحة الشعبين الصديقين». كما بحث بوريسوف مع نظيره السوري محمد ناجي عطري في تعزيز التعاون المشترك في القطاعات الاقتصادية والمالية والري والزراعة والصناعة والنقل والسياحة والإعلام، وتنشيط العلاقات السياحية وتفعيل حركة النقل بأشكاله المختلفة وخصوصاً النقل الجوي. ومن المقرر أن يعقد الثلثاء مجلس رجال الأعمال السوري-البلغاري، بمشاركة نحو 70 من كل جانب، لدفع العلاقات الاقتصادية وفتح أسواق البلدين أمام استثمارات رجال الأعمال وإقامة مشاريع نوعية وصولاً إلى تحقيق «شراكة حقيقية» بين البلدين. وينتقل الرئيس السوري وعقيلته بعد ذلك الى بوخارست في زيارة رسمية الى رومانيا، ستكون الأولى من نوعها في العقدين الأخيرين، علماً بأن الرئيس الراحل حافظ الأسد زار رومانيا في السبعينات. ويتضمن برنامج زيارة الأسد، التي تستمر يومين، جلسة محادثات مع نظيره الروماني ترايان باسيسكو، كما سيلتقي رئيس الوزراء ايميل بوك ورئيسة مجلس النواب روبرتا اناستاسي والشيوخ ميرسا جوانا. وبدأت عملية إعادة الحرارة للعلاقات بعد لقاء الأسد وباسيسكو في قمة «عملية برشلونة: الاتحاد من أجل المتوسط» في باريس في تموز (يوليو) 2008. وقام الرئيس الروماني بزيارة دمشق في تشرين الأول (أكتوبر) 2008 وأوفد وزير خارجيته تيودور باكونسكي الى العاصمة السورية قبل يومين للبحث في «علاقات الصداقة التاريخية التي تربط البلدين ورغبتهما في دفعها قدماً في جميع المجالات بما يخدم مصالحهما المشتركة». وقال السفير الروماني دان ساندوفيش ل «الحياة» أمس أن بلاده ترحب برؤية سورية لإقامة فضاء من التعاون والتنمية بين البحار الخمسة وتحتضنها، ولا سيما أن الرئيس باسيسكو أكد مرات ضرورة أن توسع رومانيا علاقاتها مع الدول العربية والعودة إلى الشركاء التقليديين في الشرق الأوسط وتوسيع التعاون في هذا الفضاء الإقليمي». وأضاف أن «سورية ليست شريكاً ثنائياً وحسب، بل بوابة لنا الى الخليج العربي والشرق الأوسط» إضافة الى الإفادة من التعاون الرباعي القائم بين سورية وتركيا ولبنان والأردن، الذي سينضم إليه العراق لاحقاً. وأشار الى انه سيتم توقيع خمسة اتفاقات خلال الزيارة تتعلق بالتعاون القضائي والنقل البري والتعليم فيما تجري مشاورات لتوقيع اتفاقات أخرى، موضحاً: «نسعى لوضع أرضية قانونية وتشريعية لفتح صفحة جديدة في العلاقات على أسس الروابط التاريخية التقليدينة بيننا». ومن المقرر أن يعقد اجتماع لرجال الأعمال المشترك خلال الزيارة لتعزيز العلاقات بين القطاع الخاص، حيث لا تتجاوز قيمة التبادل التجاري 225 مليون دولار سنوياً. ويتوقع أن تلعب الجاليتان في البلدين «دور الجسر» للعلاقات الرسمية، حيث يزيد عدد السوريين في رومانيا نحو عشرة آلاف شخص، فيما يتجاوز عدد العائلات الرومانية في سورية الأربعة آلاف، إضافة الى 20 ألف سوري درسوا في جامعات رومانيا وأوروبا الشرقية. وقال ساندوفيتش: «تسعى رومانيا الى إحياء علاقاتها مع شركائها التقليديين في الشرق الأوسط بعدما فرضت التطورات بداية التسعينات على بوخارست الانشغال بوضعها الداخلي وإعادة هيكلة اقتصادها تمهيداً للانضمام إلى حلف الناتو والاتحاد الأوروبي» وأن زيارة باسيسكو إلى دمشق كانت «خطوة أولى في طريق استعادة العلاقات التقليدية التي ربطت البلدين على مدى عقود وفتح آفاق جديدة للتعاون الثنائي».