يترقب العراق، ابتداء من غد الاثنين، 48 ساعة حاسمة في ملف تشكيل الحكومة، خلال اجتماعات لكبار قادة الكتل السياسية العراقية في اجتماع «قمة اربيل» برعاية رئيس الاقليم مسعود بارزاني. وفيما تؤكد المصادر تبلور الضغوط الاميركية عن صفقة مقترحة لتقاسم السلطة التنفيذية بين قائمتي «العراقية» و»دولة القانون»، تشكل مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله مثار اهتمام الاطراف العراقية كفرصة وصفها نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي بانها «مهمة لترميم علاقات العراق العربية». وفي هذا الصدد أكد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أن المملكة تجري اتصالاتها حالياً مع جامعة الدول العربية لتقويم ما يمكن أن يُعمل في إطار تنفيذ مبادرة خادم الحرمين الشريفين. وقال في مؤتمر صحافي أمس مع نظيره الإيطالي فرانكو فراتيني: «المملكة تعبر عن استنكارها بشدة للهجمات التي شهدها العراق أخيراً، التي نجم عنها إزهاق الأرواح البريئة، واصابة عدد كبيرعلاوة على انتهاكها لدور العبادة، الأمر الذي لا يقره ديننا الحنيف، ويتنافي مع المبادئ والأخلاق الإنسانية والأعراف الدولية». وأضاف: أن «خادم الحرمين الشريفين لن يتوانى عن بذل أي جهد ممكن لحقن دماء العراقيين وجمعهم على كلمة سواء، ودعم أمن واستقرار العراق وازدهاره، والحفاظ على استقلاله وسيادته بدعم ومؤازرة الجامعة العربية، وأودُّ أن أنتهز الفرصة لأعبر عن تقدير حكومة المملكة للتأييد الكبير لنداء خادم الحرمين الشريفين للقيادات العراقية سواء من داخل العراق أو خارجه على كافة المستويات العربية والدولية». ومع تأجيل رئيس السن للبرلمان العراقي فؤاد معصوم استئناف الجلسة الافتتاحية المعلقة منذ ثماني شهور الى الخميس المقبل يكون امام الكتل السياسية العراقية يومان لحسم خلافاتها وسط تأكيدات سياسية بان تقاسم الرئاسات الثلاثة والبحث في تشكيل تحالف ائتلافي واسع من الكتل الاربعة الرئيسية الفائزة في الانتخابات سيكون جوهر اجتماعات اربيل. وكان معصوم قال ل «الحياة» امس ان قراره عقد جلسة البرلمان الخميس المقبل بدلاً من الاثنين «قرار لا عودة عنه». مشيرا الى ان «القوى السياسية الاربعة الفائزة في الانتخابات لم تبد معارضتها حتى اللحظة حول الموعد الجديد». وقالت مصادر سياسية ان «اجتماعات اربيل ستتناول تشكيل تحالف ائتلافي عريض تنبثق الحكومة عنه ويعمل على كتابة برنامجها السياسي والامني والاقتصادي للسنوات الاربع المقبلة ويعمل على ترتيب التوافقات المطلوبة للتصويت داخل البرلمان في شأن توزيع المناصب الرئاسية والحقائب الوزراية». وكانت تسريبات اشارت الى وجود عرض اميركي حول تقاسم المناصب الرئاسية يشمل منح «العراقية» رئاسة الجمهورية مقابل منح الاكراد رئاسة البرلمان مع تجديد ولاية رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي. وعلى رغم تأكيد القيادات الكردية رفضها الصفقة، التي ستشمل ايضا تحديد آليات عمل «مجلس السياسات الاستراتيجية»، فان زخماً سياسياً عربياً ودولياً يقف خلف ابرامها على رغم تضمنها قبول السنة العرب بعدم تمثيل مكونهم في الرئاسات الثلاثة في حال ذهاب المنصب الى اياد علاوي الشيعي الليبرالي. ويؤكد المحللون ان تأييد الثقل العربي السني للصفقة محاولة لكسر التوجه الى تحويل المناصب الرسمية الى ممثليات مذهبية وقومية ثابتة، ما يفتح المجال مستقبلاً لرؤية تغيير في الانتماء القومي او المذهبي لرئيس الحكومة. واعلنت جميع القوى السياسية مشاركتها في سلسلة الاجتماعات الموسعة المقررة في اربيل او بغداد في حال تعذر جمع الفرقاء في اقليم كردستان، وهي «ائتلاف دولة القانون» و»التيار الصدري» ضمن «التحالف الوطني» و»العراقية» و»التحالف الكردستاني» و»المجلس الاعلى الاسلامي»، وجبهة «التوافق العراقي» وائتلاف «وحدة العراق». ولا تزال المبادرة السعودية تحظى بدعم متواصل من الاطراف السياسية التي تعتبرها الفرصة الاخيرة في حال لم تنجح اجتماعات اربيل في الوصول الى حلول نهائية. ودعا نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي جميع الكتل السياسية، ومنها «دولة القانون»، الى استثمار مبادرة خادم الحرمين الشريفين لاعادة ترميم العلاقات بين العراق وبين الدول العربية لاسيما المملكة العربية السعودية. واشار بيان صدر عن مكتبه امس ان «لدى ائتلاف دولة القانون اليوم فرصة مهمة لتحسين علاقاته مع المحيط العربي وعلى وجه الخصوص السعودية من خلال استثمار دعوة خادم الحرمين الشريفين التي ترعاها الجامعة العربية». وعلق الهاشمي على المبادرة بالقول انها «يمكن ان تكون بوابة لعودة العراق لتأدية دوره المتميز ضمن الفضاء العربي ومغادرة تراكمات الماضي». سعود الفيصل: خادم الحرمين لن يتوانى عن أي جهد لجمع العراقيين على كلمة سواء