ربما قلة من المتابعين فوجئت بنبأ إقالة المدرب الإسكتلندي ديفيد مويز من تدريب مانشستر يونايتد، وربما استغرب البعض من إدارة النادي التأخير في أخذ مثل هذا القرار، لكن الجواب ربما يفاجئ الكثيرين. حقبة مويز في الشهور العشرة الماضية كانت كارثية بكل معنى الكلمة، فهي لم تكتف بتحطيم كل الأرقام القياسية السلبية، بل نجح مويز خلال أقل من عام في تحطيم كل ما تعب عليه وبناه وقاتل لأجله سلفه السير أليكس فيرغسون، فلسخرية القدر أن يكون أسوأ موسم ليونايتد في الدوري الإنكليزي منذ 1989-1990 الذي كان آخر موسم أحرز فيه ليفربول لقب الدوري، هو نفسه الأول الذي يعود فيه ليفربول إلى الفوز باللقب المحلي، ما يعكس ما نجح فيه فيرغسون طيلة 26 عاماً عندما نجح وحده في الفوز ب11 لقباً عادل بها الرقم القياسي الذي حمله ليفربول في عدد ألقاب الدوري، بل تعداه مرتين قبل رحيله الموسم الماضي، لكن في غضون 10 أشهر عاد ليفربول بقوة وبات قريباً من تقليص الفارق مع ألقاب يونايتد إلى واحد في نهاية الموسم الجاري. المؤشرات كانت دائماً واضحة تؤكد قرب رحيل مويز، فعندما يعتبر منافسو يونايتد، من أنصار الجار مانشستر سيتي وأرسنال وتشلسي وليفربول، مويز مدرباً عبقرياً من المؤسف أن تتم إقالته، ولو على سبيل السخرية، فإن عروض الفريق ونتائجه السلبية كانت دلائل أكثر دمغاً على خيبة مويز، ففريق مثل إيفرتون لم يحقق أي فوز في «أولد ترافورد» طيلة 11 عاماً من قيادة المدرب الإسكتلندي له، وهو نجح فقط هذا الموسم، عندما كان مويز مدرباً معاكساً، بل حقق إيفرتون الثنائية بالفوز ذهاباً وإياباً للمرة الأولى منذ عقود طويلة، وهو ما فعلته فرق مثل وست بروميتش ألبيون ونيوكاسل، وحتى سوانزي الذي حقق أول انتصار في «أولد ترافورد» في تاريخه. ليس أسلوب تدريب مويز وطريقة لعب فريقه كانت المشكلة فحسب، بل إنه ارتكب خطأ شنيعاً بعد تعيينه بإقالة كل الجهاز الفني والتدريبي في مانشستر يونايتد، وأبرزهم مساعدا فيرغسون مايك فيلان ورينيه مولينستين، ليجلب مساعديه الذين شكلوا صدمة للاعبي يونايتد، وتاهوا في فهم عقلية اللاعبين وقدراتهم وإيجابياتهم وسلبياتهم، ليجد كثير من المتابعين أن أسلوب لعب يونايتد العريق بات شبيهاً بأسلوب إيفرتون الدفاعي العقيم بإدارة مويز، وعلى النقيض فان إيفرتون الحالي بقيادة روبرتو مارتينز بات يلعب أسلوباً من أجمل ما رأته جماهير التوفيز. الغريب أن فيرغسون، الذي يعود إليه وحده اختيار مويز خلفاً له، كان على علم بأن مواطنه لم يحقق أي لقب طيلة مسيرته، في حين أن فرقاً أصغر حجماً وتاريخاً وقدرات من إيفرتون حققت ألقاباً عدة في الأعوام الأخيرة، بينها ويغان وسوانزي وبورتسموث، لكن السير راهن على العقلية الانضباطية وأهمل ما يهم الجماهير ومالكي النادي أيضاً عائلة غليزر التي لم تمتلك النادي لأجل سواد عيون جماهيره ولا لتلميع الكؤوس التي أحرزها السير عاماً بعد الآخر، بل أرادوا مداخيل مادية عالية ودائمة، وهنا جاء توقيت الإقالة متأخراً، والسبب هو الشرط الجزائي، فالعائلة الأميركية كانت تدرك أن عليها إقالة مويز عاجلاً أم آجلاً، لكن العقد الذي أبرمه مويز ويمتد ستة أعوام، أجبر عائلة غليزر على تعويضه ب25 مليون جنيه، ما يعني خمسة ملايين جنيه عن كل عام، لكن بنداً في العقد ينص على أن التعويض لن يزيد على خمسة ملايين جنيه، أو تعويض عام واحد في حال جاءت الإقالة بعد فشل مويز في تأهيل يونايتد لمسابقة دوري أبطال أوروبا في أي موسم من المواسم الستة في عقده، وبالتالي انتظرت الإدارة فوز أرسنال على هال وخسارة يونايتد أمام إيفرتون، ليصبح حسابياً من المستحيل على يونايتد اللعب في دوري الأبطال الموسم المقبل، وخصوصاً بعد خروجه أمام بايرن ميونيخ في دور الثمانية. ربما لا يلام مويز على ما حدث، فهو رجل ارتدى ثوباً أكبر من حجمه، وما كان ليرفض طلب مواطنه المخضرم أليكس فيرغسون، لكن هل كان يدرك الأخير أنه فعل كل ما في وسعه مع فريق متهالك ومواهب محدودة وأدرك أن عملية بناء فريق متهلهل ستكلف مئات الملايين وأعواماً من الكدح، فآثر الرحيل المفاجئ الموسم الماضي وهو بطل متوج؟