تسارعت خطوات إقليمية ودولية لتهيئة الظروف المناسبة لإجراء استفتاء تقرير مصير جنوب السودان في موعده الذي يحين بعد نحو شهرين، وحمل شريكي الحكم «حزب المؤتمر الوطني» و «الحركة الشعبية لتحرير السودان» على تقديم تنازلات لتسوية القضايا العالقة وترتيبات ما بعد الاستفتاء لمنع تجدد الحرب الأهلية التي طواها اتفاق السلام قبل نحو ستة أعوام. وعاد إلى الخرطوم رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي السيناتور جون كيري بعد أقل من أسبوعبن من زيارته السابقة، وأجرى محادثات منفصلة مع نائب الرئيس علي عثمان محمد طه ومستشاره غازي صلاح الدين. وسينخرط كيري مع المبعوث الرئاسي الأميركي إلى السودان سكوت غرايشن ورئيس لجنة حكماء أفريقيا ثابو مبيكي، في مشاورات مع شريكي الحكم لمعالجة النزاع على ترتيبات الاستفتاء على مستقبل منطقة أبيي واستكمال ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب. وتستمر المشاورات ثلاثة أيام وسط معلومات عن طرح الوسطاء أفكاراً واقتراحات عملية لتجاوز القضايا الخلافية ومناقشة ترتيبات ما بعد الاستفتاء المرتبطة بالجنسية والمياه والنفط والديون و «ربط شطري البلاد اقتصادياً عبر شبكة مصالح حيوية». وقال الناطق باسم وزارة الخارجية السودانية معاوية عثمان خالد إن زيارة كيري الخرطومَ تأتي في إطار استكمال المشاورات مع مسؤولي الحكومة لتنفيذ ما تبقى من اتفاق السلام الشامل وقضية أبيي وترسيم الحدود. وفوّض طرفا الحكم لجنة مشتركة لمناقشة القضايا العالقة وترتيبات ما بعد الاستفتاء برئاسة مستشار الرئيس لشؤون الأمن الفريق صلاح عبدالله ووزير السلام في حكومة الجنوب الأمين العام ل «الحركة الشعبية» باقان أموم. ويتركز الخلاف بين الجانبين على من يحق له التصويت في الاستفتاء على مستقبل أبيي الذي يفترض أن يتم بالتزامن مع استفتاء الجنوب، ففي حين ترى «الحركة الشعبية» أن التصويت يجب أن يكون حكراً على قبائل دينكا نقوك الأفريقية، يشدد «المؤتمر الوطني» على أن حق التصويت يجب أن يشمل كذلك قبائل المسيرية الرعوية ذات الأصول العربية التي تقضي بضعة أشهر من العام في أبيي. وفي سياق متصل، عقد أمس في أديس أبابا لقاء تشاوري برعاية الاتحاد الأفريقي ومشاركة الولاياتالمتحدة وبريطانيا والصين وروسيا والسويد إلى جانب ممثلين من الأممالمتحدة. ويترأس وفد الحكومة السودانية وزير الخارجية علي أحمد كرتي، فيما يترأس وفد حكومة الجنوب باقان أموم. وقال نائب سفير السودان في أديس أبابا اكوي بونا ملوال إن المؤتمر التشاوري ناقش قضايا التحول الديموقراطي وتطبيق اتفاق السلام الشامل وإيجاد حل للقضايا العالقة ورسم «خريطة طريق» لفترة شهرين تسبقان استفتاء الجنوب. من جهة أخرى، اتسع نطاق المواجهات العسكرية بين متمردي دارفور والقوات الحكومية ليشمل إقليم كردفان المجاور. وقال الجيش إن اثنين من جنوده قتلوا وأصيب 20 آخرون في مواجهات مع متمردي «حركة العدل والمساواة» في ولاية شمال كردفان. وقال الناطق باسم الجيش المقدم الصوارمي خالد سعد إن «الجيش نفذ هجوماً استباقياً على متمردي العدل والمساواة في منطقة المجرور في ولاية شمال كردفان بعدما وردتنا معلومات عن نية المتمردين مهاجمة منطقة المجرور. وبناء على ذلك، تحركت القوات المسلحة وهاجمت قوات الحركة المتمردة مباشرة». وأكد أن «الجيش تمكن من تدمير ست سيارات مسلحة وأحدث خسائر في الأرواح والمعدات في صفوف المتمردين»، مؤكداً أن الجيش «أجلى عناصر المتمردين عن المنطقة وهو الآن يتعقب فلولها الهاربة». وكانت «العدل والمساواة» قالت في موقعها على الإنترنت إن عدداً من عناصر الشرطة وحرس الحدود قتلوا في معركة مع قواتها في منطقة جريبان في ولاية شمال كردفان. وقال الناطق باسم الحركة في كردفان آدم عيسى إبراهيم إن مقاتليه «كانوا في دورية في منطقة مجرور جنوب جريبان وفي اثناء مغادرة الطوف الإداري، اعترضته قوات الحكومة ودار تبادل للنيران»، لافتاً إلى أن «الجيش أرسل قوة اضافية مدججة بالأسلحة والعتاد ونصب مكمناً لقواتنا، لكن المعركة أسفرت عن مقتل وأسر عدد من أفراد القوة» الحكومية. إلى ذلك، توجه الرئيس السوداني عمر البشير أمس إلى الدوحة لإجراء محادثات مع أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني تركز على أزمة دارفور التي ترعى قطر محادثات بين الحكومة السودانية و «حركة التحرير والعدالة» لإنهائها. وأحرزت المفاوضات تقدماً، لكن تواجهها قضايا معقدة مرتبطة باقتسام السلطة ومحاكمة المتهمين بارتكاب انتهاكات في الإقليم.