أكدت الكاميرون أن الألقاب تُحسم على أرض الملعب وليس على الورق بعدما رفعت كأس الأمم الأفريقية للمرة الأولى منذ العام 2002، على الرغم من أنها لم تكن قبيل انطلاق بطولة 2017 في الغابون، ضمن الفرق المرشحة لإحراز اللقب. ولم تكن الكاميرون المنتخب الوحيد الذي خالف التوقعات في الغابون، إذ أن منافستها في المباراة النهائية كانت مصر التي لم تكن ايضاً ضمن دائرة الترشيحات، على الرغم من أنها تحمل الرقم القياسي في عدد الألقاب (سبعة). إلا أن منتخب الفراعنة خالف التوقعات وبلغ المباراة النهائية التي تقدم فيها الأحد في ليبرفيل على "الأسود غير المروضة" عبر محمد النني في الدقيقة 21، إلا أن البديلين نيكولاس نكولو وفنسان ابو بكر منحا بلادهما اللقب بهدفين في الدقيقتين 59 و88. واحرزت الكاميرون اللقب الخامس في تاريخها، مقلّصة الفارق مع مصر، كما ثأر منتخب "الأسود غير المروضة" لخسارته مرتين في النهائي أمام مصر، الأولى بركلات الترجيح في 1986، والثانية صفر-1 في 2008. ولم يكن أشدّ المتفائلين يرشح الكاميرون أو مصر للنهائي، الأولى لوجود مدرب يأتي إلى القارة الأفريقية للمرة الأولى بشخص البلجيكي هوغو بروس الذي انتقدته الصحافة المحلية لأنها لم تستسغ خياراته، وغياب عدد من اللاعبين المحترفين الذين آثروا البقاء مع انديتهم. أما مصر، فبعد احرازها ثلاثية تاريخية (2006 و2008 و2010) انفردت فيها بالرقم القياسي، دخلت في نفق مظلم وغابت عن النسخ الثلاث الأخيرة، ولم تخرج منه إلا بعودتها في بطولة 2017. وخرج معظم المرشحين للقب من الدور الأول على غرار ساحل العاج بطلة 2015 في غينيا الاستوائية، والجزائر ونجمها رياض محرز الحاصل على الكرة الذهبية لأفضل لاعب أفريقي عام 2016، أو حتى الغابون المضيفة ونجمها بيار ايميريك اوباميانغ هداف الدوري الألماني مع بوروسيا دورتموند. وكرّت السبحة فلحق بالمنتخبات الثلاثة المغرب الذي كان مدربه الفرنسي هيرفيه رينار يُمني النفس بلقب ثالث مع ثلاثة منتخبات مختلفة، بعد أن نجح مع زامبيا (2012) وساحل العاج (2015). وخرج المغرب على يد مصر (صفر-1)، ولم تكن حال السنغال التي جذبت الأنظار في الدور الأول، أفضل فسقطت بدورها مع النجم الصاعد في ليفربول الإنكليزي واغلى لاعب افريقي ساديو مانيه (40 مليون يورو)، أمام الكاميرون بركلات الترجيح بعد تعادل سلبي في الوقتين الأصلي والإضافي. وخرجت الكونغو الديموقراطية على يد غانا وصيفة 2015 وذات الباع الطويل افريقيا، والتي بلغت نصف النهائي للمرة السادسة توالياً. وارتفعت اسهم مصر والكاميرون قليلاً مع بلوغ نصف النهائي ففازت الأولى على بوركينا فاسو السريعة والقوية بدنياً بركلات الترجيح (بعد التعادل 1-1) بفضل حارس المرمى المخضرم عصام الحضري (44 عاماً) الذي تصدى لركلتين، وتخطت الكاميرونغانا بارتياح 2-صفر. وحتى في جائزة الترضية لم تنجح غانا في إحراز المركز الثالث واهتزت شباكها قبل دقيقة واحدة من نهاية المباراة بفضل ركلة حرة نفذها الان تراوريه. وقال قائد الكاميرون بنجامان موكاندجو عشية النهائي إنه "لا اعتقد بأن احداً (...) راهن علينا بفلس واحد، ولو فعل لكسب الكثير". وكان من الصعب تصوّر وصول الكاميرون ومصر إلى النهائي، فالأولى خاضت البطولة في غياب 14 من الأساسيين، والثانية عادت إلى البطولة الأفريقية بمجموعة تضم 19 لاعباً (من اصل 23) يشاركون لأول مرة في البطولة القارية. إلا أن المنتخبين اظهرا أن العمل الدؤوب والاندفاع هما اللذان يحددان هوية الأبطال وليس حجم نجومية اللاعبين والرواتب التي يحصلون عليها في انديتهم الأوروبية. وقدمت مصر في البطولة أسماء غير معروفة إلا محلياً، مع قلة من المحترفين في اندية اوروبية، ابرزهم محمد صلاح (روما الايطالي) ومحمد النني (ارسنال الإنكليزي). ويحتاج هذا الجيل إلى صقل وتجربة، وظهر بشكل جلي ميل مدربه الأرجنتيني هكتور كوبر إلى الدفاع فنجح في كل المباريات إلا في النهائي الذي بدأه بشكل هجومي، إلا أن اللياقة خانت لاعبيه في الشوط الثاني. وكان الحضري (44 عاماً) نجم مصر في البطولة، على الرغم من تفوق الحارس الكاميروني الشاب فابريس اوندوا (21 عاماً) عليه في خيارات الاتحاد الافريقي للتشكيلة المثالية للبطولة الحادية والثلاثين. وبات الحضري اكبر لاعب سناً في البطولة الأفريقية، لكنه اخفق في اضافة لقب خامس جديد إلى رصيده والانفراد بالرقم القياسي الذي يتشاركه مع مواطنه احمد حسن (1998 و2006 و2008 و2010). وركز في كل تصريحاته على أن هدف المنتخب المصري هو العودة بالكأس "لأن التصميم موجود، والتفاهم بين اللاعبين موجود، والهدف واحد لدى الجميع". وقال خلال البطولة "لم يكن احد يرشحنا في البداية، لكننا شيئاً فشيئاً بلغنا النهائي وسنحقق الهدف الذي يسعد المصريين ألا وهو رفع الكأس".