أكد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أن المملكة تجري اتصالاتها حالياً مع جامعة الدول العربية لتقييم ما يمكن أن يُعمل في إطار تنفيذ مبادرة خادم الحرمين الشريفين للعراقيين، وأن السلطات العراقية مشغولة بالحوار المتعلق بمبادرة «أربيل».وقال الأمير الفيصل في مؤتمر صحافي في الرياض اليوم مع نظيره الإيطالي: «المملكة تعبر عن استنكارها بشدة للهجمات التي شهدها العراق أخيراً، والتي نجم عنها إزهاق عديد من الأرواح البريئة، وعدد كبير من المصابين، علاوة على انتهاكها لدور العبادة، الأمر الذي لا يقره ديننا الحنيف، ويتنافي مع كافة المبادئ والأخلاق الإنسانية والأعراف الدولية». وأضاف: أن «خادم الحرمين الشريفين لن يتوانى عن بذل أي جهد ممكن أن يُعمل لحقن دماء العراقيين وجمعهم على كلمة سواء، ودعم أمن واستقرار العراق وازدهاره، والحفاظ على استقلاله وسيادته بدعم ومؤازرة الجامعة العربية، وأودُّ أن أنتهز الفرصة لأعبر عن تقدير حكومة المملكة للتأييد الكبير لنداء خادم الحرمين الشريفين للقيادات العراقية سواء من داخل العراق أو خارجه على كافة المستويات العربية والدولية». وبخصوص الاستفتاء الذي سيجري، والذي يمهد لانفصال جنوب السودان عن البلاد وموقف المملكة تجاه هذا الأمر قال: «من المعلوم أن السودان أكبر دولة عربية، وأمر إجراء استفتاء فيها قد يؤدي إلى انفصال جزء مهم فعلاً منها، ونحن أكدنا أن يكون الاستفتاء نزيهاً، وأن يتم التحسب على ما يمكن أن يؤدي إليه وإن كان سيؤدي إلى إشعال الحرب مرة أخرى أو لا»، وتساءل: «هل الهدف من الاستفتاء اندلاع القتال وهو ما نخشاه؟». وتابع: «في تقدير المملكة، فإن التعامل مع هذا الوضع يكمن في ضمان نزاهة الاستفتاء وعدم ممارسة أي ضغوط قد تؤدي لا سمح الله إلى نتائج لا تحمد عقباها». وعن سير الوساطة السعودية بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان، قال: «كان هناك كلام كثير عن الوساطة السعودية، وكان لنا شرط فيها، إذ إن طالبان كانت تعطي مأوى للإرهابيين، وكان شرطنا هو تخلي طالبان عن هذا الاتجاه، وتلقينا طلباً من الرئيس الأفغاني للعب الوساطة التي اشترطنا فيها أن تأتي طالبان بعد أن تتوقف عن دعم وإيواء الإرهابيين، ولسوء الحظ أن طالبان لم توقف هذا الأمر، وتوقفت الأمور عند هذا الحد». وعلق الأمير سعود الفيصل حول مهلة الشهر التي منحتها جامعة الدول العربية لإسرائيل لإيقاف الاستيطان وإحياء عملية السلام، قائلاً: «إن الجامعة منحت الإسرائيليين مهلة شهر وبعدها تنوي الجامعة التوجه إلى القانون الدولي الممثل في مجلس الأمن الدولي، وسيرون هل هذه المنظمة التي أقيمت على أساس السلام من الممكن أن تقدم شيئاً لقضيتهم». وألقى وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل كلمة بخصوص الاجتماع الخاص الذي جمعه مع نظيره الإيطالي قال فيها: «نتطلع مع الجانب الإيطالي إلى أن تسهم الزيارة في دعم العلاقات الثنائية لبلدينا وتعزيزها في عديد من المجالات، وعقدنا جلسة مشاورات واسعة اتسمت بالعمق والشمولية واستعرضنا القضايا الإقليمية والدولية المهمة، وكذلك بحثنا عملية السلام في المنطقة والجهود القائمة لإحيائها، في إطار حرصنا على بلوغ أهداف إقامة الدولة الفلسطينية في إطار حل دولتين مستقلتين تعيشان جنباً إلى جنب في أمن وسلام». وأضاف: «بحثنا أيضاً موضوع الإرهاب والنجاحات الدولية الأخيرة في إجهاض عدد من العمليات الإرهابية»، مؤكداً أهمية وفاعلية تعاون الأسرة الدولية في محاربة الإرهاب، «وهو أمر يحفزنا على تعزيز هذا التعاون خصوصاً في مجال تبادل المعلومات»، وقال: «تطرقنا إلى الوضع في لبنان وقد عكست محادثاتنا الحرص المشترك على أمن لبنان واستقراره وسلامة إقليمه، والمملكة وأشقاؤها العرب لن يدخروا جهداً لبلوغ هذه الأهداف، غير أن تحقيقها يظل مرهوناً بيد القيادات اللبنانية نفسها أولاً وأخيراً، ونطالب باستشعارهم لمسؤولياتهم التاريخية، وتغليب مصلحة لبنان على ما عداها من مصالح حزبية ضيقة، لذلك نأمل من كافة الأطراف اللبنانية ضبط النفس والاستجابة للجهود المخلصة للرئيس ميشال سليمان، والجلوس على طاولة الحوار لحل المشكلات القائمة وفق أسس دستورية، وبعيداً عن لغة التوتر والتصعيد». من جهته، قال وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني: «إن بلاده والمملكة تقفان على الخط نفسه من كافة القضايا التي تحيط بالمنطقة وتتطابق وجهات نظريهما حيال القضايا الحرجة مثل العراق وإيران وكذلك الأوضاع في السودان وأفغانستان». وأضاف: «السعودية لعبت دوراً جوهرياً أسهم في استقرار منطقة الشرق الأوسط»، مشيداً في الوقت نفسه بالتزامها المستمر بالحرب على الإرهاب وإسهامها الكبير في تبادل المعلومات مع الدول الأخرى لمنع الهجمات الإرهابية التي كادت تحصل. ولفت الوزير الإيطالي الذي يزور المملكة ويترأس وفداً اقتصادياً وتجارياً، إلى أن المباحثات مع الأمير سعود الفيصل تطرقت إلى كيفية مساعدة اليمن وفهم الموقف المعقد لهذه الدولة، وزاد: «المجتمع الدولي يجب أن يساعد اليمن من ناحية التعاون الاقتصادي، وتدريب حرس الحدود والتحكم في سواحله وفق طرق آلية».وبخصوص مبادرة خادم الحرمين الشريفين تجاه إصلاح الوضع العراقي قال الوزير الإيطالي: «نشيد بهذه المبادرة، والتي تأتي لجمع العراقيين»، مؤكداً أهمية أن تقترب إيران من الدول الغربية في ملفها النووي». وحول القضية الفلسطينية، قال: «يجب على أوروبا أن تلعب دوراً أكبر في هذا الشأن، مطالباً إسرائيل بأن تمدد تعهداتها تجاه عدم إنشاء مواقع استيطانية، وأن تعي إسرائيل أنه من مصلحتها التوصل إلى اتفاق نهائي في عملية السلام وعدم الاستمرار في الأعمال الاستيطانية»، مشيراً إلى أنه سيقوم بزيارة لإسرائيل ورام الله وقطاع غزة.