بيروت - رويترز - سلطت مؤامرة جديدة لتنظيم «القاعدة»، بإرسال طرود ملغومة من اليمن، الضوء مجدداً على الخطر الذي يواجه الغرب في حالة انهيار أجهزة الدولة في هذا البلد وهو مصير سيكون أيضاً كارثة على 23 مليون يمني يرزحون تحت وطأة الجوع والفقر. وفشل المانحون الغربيون والخليجيون حتى الآن في كبح التدهور. وتحت شعار «أصدقاء اليمن» التقى المانحون في لندن في كانون الثاني (يناير) بعد محاولة فاشلة لجناح «القاعدة في جزيرة العرب»، ومقره اليمن، لتفجير طائرة ركاب كانت في طريقها الى الولاياتالمتحدة. وبعد نحو عام من تلك المحادثات تعوق الطلبات المتنافسة على التمويل الاجنبي الجهود، ويقول مسؤولون ومحللون ان الاموال إما انها مجمدة او تفتقر الى التنسيق أو يُساء استخدامها في مشاريع جانبية. ويلتقي المانحون ثانية في الرياض في شباط (فبراير) المقبل للقيام بمحاولة أخرى لتحديد الاولويات قبل فوات الأوان. وقال ألان دانكان وزير التنمية الدولية البريطاني في مؤتمر صحافي هذا الاسبوع في معهد «تشاتهام هاوس» للدراسات: «نفط اليمن ينفد ومياه اليمن تنفد وربما يكون الوقت أيضاً بالنسبة اليه أوشك على النفاد. «أمن مستقبل اليمن... يتعلق بما يفعله كل أصدقاء اليمن وفي شكل حيوي بكيفية عملنا كلنا معاً». وأدى تفشي الفساد وغياب الامن الى نفور عدد كبير من المستثمرين الاجانب من العمل في اليمن مما عرقل جهوداً تمس الحاجة اليها لتنويع مصادره الاقتصادية بعيداً من احتياطات النفط والغاز المحدودة. وربما يتحول اليمن الى مستورد للنفط بحلول العام 2017. كما يستورد اليمن الذي يعاني شحاً شديداً في موارده المائية 75 في المئة من طعامه. وينمو سكان اليمن بنسبة 2.9 في المئة سنوياً. ويعاني حوالى ثلث اليمنيين من الجوع المزمن. وطبقاً لاحصاءات صندوق الاممالمتحدة للطفولة يعاني ما يزيد على نصف الاطفال اليمنيين تحت سن الخامسة من سوء التغذية. كما ان 40 في المئة من البالغين في اليمن أميون. وتغيب المرأة في شكل كبير عن الحياة العامة حيث يقبع اليمن في مؤخرة الدول في ما يتعلق بالمساواة بين الجنسين. وتوضح هذه الارقام المخيفة فشل الحكومة في تلبية الحاجات الاجتماعية أو تخفيف حدة الفقر، الامر الذي يثير سلسلة من التحديات الامنية مثل التمرد الذي يندلع ويخبو في الشمال وتفشي الروح الانفصالية في الجنوب وتطرف أنصار «القاعدة» فضلاً عن الاقتتال القبلي. وقال الباحث الاميركي روبرت بوروس «منذ العام 1997 على الاقل أظهر النظام مراراً انه يفتقر الى الرغبة والقدرة على جعل اليمن دولة لها مقومات البقاء والاستمرار». ويدرك المانحون مدى تفشي الفساد وما يسببه من تآكل لشرعية الدولة خلال فترة حكم صالح التي بدأت قبل ثلاثة عقود لكنهم لا يملكون الكثير من الخيارات سوى التعامل مع الرئيس اليمني. وقال المحلل السياسي اليمني عبدالغني الارياني لرويترز من صنعاء ان الاصلاح الاقتصادي وليس التنمية الاقتصادية التقليدية هو ما يمكن أن يحسن حياة اليمنيين ويحد من قدرة القاعدة على تجنيد عناصر جديدة. وأضاف ان الرئيس اليمني نفسه عرض على المانحين تنفيذ المشاريع بأنفسهم وفي شكل مباشر بهدف الحد من الفساد. وطلب اليمن مجدداً المساعدة لكن أولويات حكومة صنعاء لا تتسق دائماً مع أولويات المانحين الذين ينقسمون بدورهم في شأن المشاريع التي يمكن استهدافها بتلك الموارد المحدودة. وقالت جانيت أندرسن نائب مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الخليج العربي والمغرب في تشاتهام هاوس: «نواجه تحديات في ما يتعلق باختيار المشكلات التي سنتصدى لعلاجها... لكن علينا أن نتصدى لمشكلة الامن وإلا لن يكون لنا عمال مساعدات على الارض يمكنهم التعامل مع مختلف القضايا على المدى المتوسط والطويل». وتشكو بعض الوكالات الانسانية من النقص في التمويل. وقال اشلي كليمنتس الذي يعمل مستشاراً للسياسات في منظمة أوكسفام: «تم التعهد فقط بنحو 50 في المئة من التمويل المطلوب عبر خطة الاممالمتحدة للمساعدات الانسانية. ما زالت هناك احتياجات مهمة لم يستجب لها». ويعترف اليمن الذي تمكن من إنفاق جزء صغير من 4.7 بليون دولار تعهد بها المانحون في عام 2006 ببعض أوجه القصور لديه في تحديد المجالات الاكثر حاجة الى التمويل.