واشنطن - «نشرة واشنطن» - تعيد الوكالات الحكومية الأميركية النظر في كيفية التعامل مع الارتفاع السريع في درجة حرارة الأرض وتأثيره على الموارد الطبيعية، لكن قليل منها يركزّ على هذه التغيرات مثلما تفعل «وكالة حماية الكائنات البحرية والبرّية» الأميركية. أمضى الكثير من موظفي الوكالة، البالغ عددهم تسعة آلاف، والمُكلفين حماية الحيوانات وإدارة المواطن الطبيعية الحساسة في المناطق البرّية الأميركية الشاسعة، نحو 18 شهراً في التخطيط وفي استشارة المجموعات البيئية ووكالات الحفاظ على الحياة البرّية في الولايات، والشركاء الخارجيين الآخرين، قبل الكشف عن خطة عمل طموحة وطويلة الأمد حول المناخ. وأفادت دراسة «مواجهة التحدي العاجل: الخطة الاستراتيجية للاستجابة للتغيّر المتسارع في المناخ وحماية الكائنات البحرية والبرّية الأميركية» بأن ثمة حاجة إلى تكتيكات جديدة وجريئة للمساعدة في الحفاظ على الأنواع التي لولا تلك الجهود لما تمكنت من البقاء. ويظهر التقرير أن تغير المناخ آخذ بالفعل في إلحاق الأذى بالحياة البرّية في مناطق عدة في الولاياتالمتحدة. وفي نورث كارولينا، يدفع ارتفاع مياه البحر المياه المالحة إلى أراضي المستنقعات الحساسة ومصبّات الأنهر، مثل محمية نهر التماسيح القومية للحيوانات والنباتات البرّية، ما يقود إلى فقدان النباتات على امتداد آلاف الهكتارات. ويتوقع أن ثلثي مناطق المستنقعات ستُفقد في غضون قرن، في حال استمر هذا الاتجاه، كما يقول موظفو الوكالة. وفي ريو غراندي، النهر الذي يشكل الحدود بين الولاياتالمتحدة والمكسيك، أصبحت المياه أكثر دفئاً نتيجة ارتفاع درجة حرارة الجو، وأصبحت تُهدّد سمكة «كاتثروت»، التي تعيش في المياه الباردة، كما يدرس باحثو الوكالة السلمون المُرَقط لفهم كيفية تعامل هذه الأسماك مع ارتفاع حرارة المياه مع مرور الزمن. وفي ولاية مينسوتا بالقرب من الحدود الكندية، أُبلغت الوكالة عن هبوط في أعداد حيوان «الموس» في محمية «أغاسّيز» القومية للحياة البرّية التي كانت موطناً ل 400 حيوان من فصيلة ال «موس»، وأصبحت تعدّ الآن أقل من 40 حيواناً. وأظهرت دراسة في الولاية أن موسم الشتاء الدافئ وحرارة الصيف يُسبّبان الإجهاد الحراري للحيوانات الكبيرة، ويجعلانها أكثر عرضة لسوء التغذية المزمن الناجم عن الطفيليات. وأشار رُوان غولد، القائم بعمل مدير الوكالة، الى أن «تغيّر المناخ أمر حقيقي، وشيء نحتاج جميعنا للتعامل معه والحصول على معلومات حوله. وعلينا أن نفكر ليس بالنسبة لخمس سنوات أو عشر سنوات من الآن، إنما في ما سيحدث بعد 100 سنة». وتحدّد خطة الوكالة سلسلة من أعمال الحفاظ على البيئة في العقود المقبلة، تشمل تحديد أنواع الكائنات الحيّة الأكثر ضعفاً وتعرضاً للخطر في البلاد وتصنيفها، وتحديد أولويات التحديات المستقبلية والأعمال المستندة إلى عوامل معيّنة، مثل ندرة المياه الآخذة في التزايد، ووضع خطة من شأنها أن توجّه التكيّف مع عالم الحياة البحرية والبرّية خلال السنوات الخمسين المقبلة، وإقامة شبكة من الجهات المتعاونة في الحفاظ على الطبيعة، لتحسين العمل الميداني. وفي المناطق الساحلية المسطحة والمنخفضة في نورث كارولينا، تعاونت الوكالة مع «مؤسسة الحفاظ على الطبيعة» (ناشونال كونسيرفانسي) وشركة «ديوك إنرجي»، وهي شركة منتجة للطاقة الكهربائية، لزراعة أشجار السرّو والصنوبر الأسود وأنواع أخرى من الأشجار المحلية الأخرى القادرة على مقاومة المياه المالحة. ويجرى حالياً بناء حاجز للمحّار على مقربة من الشاطئ، للحدّ من حركة الأمواج على الساحل. وفي ولاية واشنطن، الواقعة في شمال غربي المحيط الهادئ، عملت الوكالة مع قبيلة نيسكوالي الهندية لإزالة سدّ عمره مئة سنة، ولإعادة مستنقع ناتج من المدّ البحري، وللمساعدة في زيادة أعداد سمك السلمون المتضائلة. لكن قد تعجز الوكالة عن تحقيق أهدافها بالنسبة لحيوان «الموس» في مينسوتا، وفقاً لمديرة محمية «أغاسّيز» القومية للحياة البحرية والبّرية ماغي أندرسون التي اوضحت ان عددها سيتضاءل إلى حين قلب آثار العوامل المناخية. التعاونيات وتغيّر المناخ الى ذلك، تتعاون «وكالة حماية الكائنات البحرية والبرّية» الأميركية مع 21 تعاونية أميركية للحفاظ على معالم الطبيعة في مختلف أنحاء البلاد، وستعمل جنباً إلى جنب مع مراكز علمية قائمة في جامعات ترعاها وزارة الداخلية الأميركية. وبدأ ثلثا التعاونيات العمل قبل الموعد المحدد، بعد أن جمعت وكالات داخل وزارة الداخلية المال والموظفين لأجل تسريع الجهود. وتطور المراكز العلمية للمناخ التابعة لوزارة الداخلية العلوم الضرورية لفهم آثار تغيّر المناخ.