وصل كارفان المهرجانات السينمائية العربية، الذي يتسارع في الربع الأخير من كل عام، الى دمشق حيث من المنتظر أن تسير المغنية اللبنانية هيفاء وهبي على السجادة الحمراء الى جانب أسماء سينمائية لامعة يوم بعد غد (الأحد) إيذاناً بانطلاق فعاليات الدورة الثامنة عشرة لمهرجان دمشق السينمائي الذي يستمر حتى 13 الجاري. ويبدو ان صوت الاحتجاج علا، هذه المرة، حتى قبل أن يبدأ المهرجان الذي سيستضيف وهبي التي لم تظهر سوى في فيلم سينمائي وحيد هو «دكان شحاته» مع خالد يوسف. فأي مبرر، يقول المحتجون إذاً، لحضورها الى مهرجان يتشبث بهوية ثقافية جادة، وسيشهد تظاهرات عدة بينها تظاهرات لعدد من المخرجين، ومنهم المخرج الفرنسي إيريك رومر، والأميركيان أورسون ويلز، وديفيد لينش، والبولوني رومان بولانسكي، والبريطاني ريدلي سكوت، والبوسني أمير كوستوريتسا، فضلاً عن تظاهرة «درر السينما الثمينة»، و «مقهى السينما العالمية»، وتظاهرة الممثل الراحل مارلون براندو والممثلة ساندرا بولوك، وتظاهرة السينما التركية وأخرى مماثلة للسينما الدنماركية. جدوى... هذا الازدحام السينمائي الذي يشمل 232 فيلماً روائياً طويلاً، سيجدد انتقادات قيلت في دورات سابقة، وتتمثل في أن بعض هذه الأفلام ستعرض ك «دي في دي»، وسيتم اللجوء الى الأفلام المخزنة في المستودعات عبر عروض مكررة، وسط تجاهل للنخبة السينمائية المحلية، وتساؤل، بات مملاً، حول جدوى هذا المهرجان في بلد فقير بالإنتاج السينمائي. لكن الملاحظ أن تظاهرة البرنامج الرسمي تحوي عدداً من الأفلام الحديثة المهمة التي نالت احتفاء في مهرجانات دولية والتي ستتاح للجمهور السوري رؤيتها خلال أيام المهرجان، إذ تتعذر رؤيتها خارج هذه المناسبة، ومن هذه الأفلام «فيلم اشتراكية» لجان لوك غودار، و «بيوتيفيل» لأليخاندرو غونزاليس ايناريتو، و «عسل» لسميح كابلانوغلو، و «في مكان ما» لصوفيا كوبولا، و «الكاتب الشبح» لبولانسكي، و «العم بونمي الذي بوسعه تذكر حياته السابقة»، و «الوشاح الأبيض» لمايكل هانيكه، و «النبي» لجاك اوديارد... وغيرها. وفي المسابقة الرسمية التي تنقسم الى ثلاث فئات هي مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، والافلام القصيرة، ومسابقة الأفلام العربية، ولكل منها لجنة تحكيم خاصة، سيتنافس 24 فيلماً روائياً طويلاً، من ضمنها ثمانية أفلام عربية وهي من سورية «مطر ايلول» لعبداللطيف عبدالحميد و «حراس الصمت» لسمير ذكرى، ومن الجزائر «الخارجون عن القانون» لرشيد بو شارب، ومن لبنان «كل يوم عيد» لديما الحر، ومن مصر «الوتر» لمجدي الهواري، ومن تونس «آخر ديسمبر» لمعز كمون، ومن الإمارات «ثوب الشمس» لسعيد سالمين، ومن المغرب «المسجد»، أما مسابقة الأفلام القصيرة فتشمل 93 فيلماً. وثمة تكريمات سيحظى بها عدد من السينمائيين بينهم المخرج الروسي فلاديمير مينشوف رئيس لجنة تحكيم الأفلام الروائية، والممثلة الهندية شارميلا طاغور، كما ستوزع على ضيوف المهرجان اصدارات جديدة بتوقيع عدد من النقاد والباحثين مثل ابراهيم العريس وقيس الزبيدي وعدنان مدانات ومحمد كامل القليوبي، فضلاً عن عدد من الكتب المترجمة. لا رقابة وأكد مدير المهرجان محمد الأحمد ان «الرقابة لم تحذف لقطة واحدة من افلام المهرجان، فإما أن نعرض الفيلم كاملاً أو لا نعرضه»، مشيراً الى ان «بعض الافلام، التي قد تثير تساؤلاً، ستعرض، خلال هذه الدورة، مرفقة بعبارة «للكبار فقط». وأقر الأحمد في اتصال هاتفي أجرته معه «الحياة» ان «مهرجان دمشق ليس دولياً لأنه غير مدرج تحت «مظلة الاتحاد الدولي للمنتجين»، مرجحاً ان تكون المسألة، هنا، «سياسية» أكثر من كونها فنية، مؤكداً ان مهرجان دمشق، الذي لا تتجاوز موازنته مليون دولار اميركي، «قادر على منافسة مهرجانات دولية من خلال طابعه الثقافي، وتظاهراته المنوعة التي تظهر مختلف التجارب والتيارات السينمائية العالمية، وكذلك لعراقة المدينة التي تحتضنه»، منوّهاً بحفلي الافتتاح والختام وبسلسلة الفن السابع وفصلية «الحياة السينمائية» التي تصدرها المؤسسة العامة للسينما التي كانت تتحكم بالانتاج السينمائي جملة وتفصيلاً، على الأقل قبل ان يعود القطاع الخاص ليطل برأسه، إذ أنجز عدداً من المشاريع السينمائية، ومنها، مثلاً، فيلم «مطر أيلول» المشارك في المسابقة الرسمية (وهو من انتاج شركة ريل فيلمز التي يديرها هيثم حقي، والتابعة لشبكة أوربت).