أعاد الحزب الجمهوري الأميركي رسم الخريطة السياسية في واشنطن بفوزه على الديموقراطيين في مجلس النواب بغالبية تزيد على 50 مقعداً، فيما نجح الحزب الديموقراطي في المحافظة على الغالبية في مجلس الشيوخ بزعامة هاري ريد الذي أنقذ حظوظه الانتخابية أمس. الانتخابات الماراتونية انتهت بركوب الجمهوريين مشاعر الاستياء لدى الأميركيين من الوضع الاقتصادي ونسب البطالة التي تقارب 9.6 في المئة، وفوزهم بنحو 243 مقعداً في مجلس النواب (كما افادت شبكة أن بي سي) في مقابل 192 مقعداً للديموقراطيين. أما في مجلس الشيوخ وفيما استمر العد خلال نهار امس في ولايتين (واشنطن وكولورادو) حافظ الديموقراطيون على 49 مقعداً في مقابل 46 للجمهوريين. وبهذا انتقلت زعامة مجلس النواب من نانسي بيلوسي الى جون بوينر، فيما احتفظ ريد بزعامة مجلس الشيوخ بعد معركة حامية في ولاية نيفادا أمام مرشحة اليمين المتشدد شارون أنجيل والتي فاز عليها بنسبة 50 في المئة (في مقابل 45) وبمساعدة الأقلية اللاتينية التي تميل الى الحزب الديموقراطي. ونجح الجمهوريون في انتصارهم النيابي الأكبر منذ عام 1994 في سلب الديموقراطيين أكثر من 60 مقعداً خصوصاً في ولايات الوسط والجنوب. وعكست النتائج الصعود المتنامي ل «حزب الشاي» (تي بارتي) ونجاح مرشحيه باتريك تومي ومارك روبيو وراند بول في الفوز بمقاعد في مجلس الشيوخ، على رغم فشل آخرين بينهم أنجيل وكريستين أودونيل (ديلاوير) وجو ميلر (ألاسكا) في الفوز، مما كلف الحزب الجمهوري مجلس الشيوخ. هزيمة شوارزنيغر كما حصد الحزب تسع حاكميات بينها أوهايو ونيو مكسيكو، وهما ولايتان حاسمتان في الانتخابات الرئاسية، فيما فاز الحاكم السابق لكاليفورنيا في سبعينات القرن الماضي جيري براون بالمنصب نفسه عن الديموقراطيين بعدما كانت الحاكمية لأرنولد شوارزنيغر الجمهوري. وأعلن البيت الابيض في بيان ان الرئيس باراك اوباما تحدث هاتفياً مع بوينر مهنئاً اياه، وأبلغه انه يتطلع الى ايجاد أرضية مشتركة للتعاون مع الجمهوريين. وأورد البيان ان اوباما تحدث هاتفياً ايضاً مع ميتش ماكونيل زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ، كما اتصل ببيلوسي ونائبها ستيني هوير. وهيمن الوضع الاقتصادي على أولويات الناخبين وخطابات المرشحين الفائزين الذين وعدوا بتقليص العجز ومكافحة العجز. وقال بوينرفي خطاب الفوز بعدما بدا عليه التأثر: «نأمل في ان يحترم الرئيس اوباما ارادة الشعب ويغير توجهاته ويتعهد بتحقيق التغييرات التي يريدها» الاميركيون. في المقابل، ابدى السناتور ريد استعداده لإجراء تغييرات بسيطة في قانون إصلاح قطاع الرعاية الصحية الذي أقر في وقت سابق من هذا العام ويعتبر من ابرز انجازات اوباما التي عارضها الجمهوريون. وقال ريد في مقابلة مع شبكة «سي ان ان» بعد سيطرة الجمهوريين على مجلس النواب: «إذا كانت هناك بعض التغييرات نحتاج الى ادخالها على قانون الرعاية الصحية، أنا مستعد لذلك». في الوقت ذاته، قال السناتور الجمهوري جون ماكين في أعقاب الانتصار الكبير للجمهوريين، انه يأمل في أن يلقي الرئيس الاميركي نظرة جديدة على سياسة الحرب في افغانستان. وفاز ماكين في الانتخابات ليحتفظ بمقعده في مجلس الشيوخ عن ولاية اريزونا بفارق كبير عن منافسه، ما يحفظ له مكانته في لجنة القوات المسلحة التابعة للمجلس كعضو جمهوري بارز. وصرح ماكين في مقابلة مع «رويترز» بأنه يتطلع الى المراجعة التي تعدها ادارة اوباما في كانون الأول (ديسمبر) المقبل لسياسة الحرب في افغانستان، للاطلاع على ما استجد بعدما أمر الرئيس بزيادة القوات الاميركية في افغانستان قبل سنة للتصدي لقوة «طالبان» المتنامية. وذكر ماكين الذي يتوقع ان يزور افغانستان قريباً، انه يريد أن يرى تغييراً في قرار اوباما البدء في سحب بعض القوات الاميركية في افغانستان في آب (اغسطس) المقبل. وقال: «يمكني ان اتحدث عن نفسي فقط. ولكن موعد الانسحاب الذي أعلنه الرئيس من دون استشارة عسكريين، سبب لنا مشاكل جمة في عملياتنا في افغانستان لانه شجع اعداءنا وأربك اصدقاءنا هناك». وأضاف ماكين الذي خسر في انتخابات الرئاسة امام اوباما في عام 2008: «آمل في أن تصل الرئيس رسالة بأن الشعب الاميركي لا يقر تحركات إدارته وسياساتها خلال العامين الماضيين وانه ينبغي عليه ان يحل هذه المشاكل وتسيير شؤون البلاد مجدداً».