هل يؤرّخ لل 2010 بوصفها السنة التي قلبت فيها الصين موازين القوى الاستراتيجية عالمياً في المعلوماتية وتقنياتها، عبر تفوّقها على الولاياتالمتحدة في مجال "الكومبيوتر الخارق" ("سوبر كومبيوتر" Super Computer)، الذي يعتبر الحقل الأكثر تقدماً في المعلوماتية، بل أنه المحك الفعلي للتقدّم في التكنولوجيا الرقمية وعلومها كافة؟ بداية، لنذكر أن العام 2010 حفل بالتنازع المعلوماتي - السياسي بين الصين وأميركا. لقد استُهل بصراع فتحته أميركا على الصين، بإثارة أزمة حول عمل محرك البحث الشهير "غوغل" في الصين. وصل المستوى السياسي في هذه الخطوة الى تصريحات مباشرة ويومية من وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، تتتحدث عن الدعم المباشر ل"غوغل"، وتطلب من الصين الإنصياع لمطالبه بخصوص حرية البحث والتعبير. لم تكد هذه المعركة أن تخفت، بعد أن أجبرت الصين "غوغل" على الرضوخ لشروطها، حتى وجّهت الصين لأميركي ضربة استراتيجية شديدة العمق، إلى حدّ أن وصفها ب"نقطة التحوّل" يبدو أمراً حقيقياً، وليس رطانة على الطريقة العربية! ويكفي القول أن نقطة التحوّل في المنافسة الضارية بين اليابانوالولاياتالمتحدة في ثمانينات القرن العشرين (وتحت سقف الحرب الباردة)، حدثت عندما تفوّق علماء أميركا في المعلوماتية على اليابان، في حقل الكومبيوتر الخارق تحديداً. يبدو أن ما ينطبق على اليابان، لا يسري بالضرورة على الصين. وما فشلت فيه بلاد الشمس الساطعة، نجحت فيه بلاد العم ماو. إذ نقلت جريدة "نيويورك تايمز" أخيراً أن الصين أفلحت في صنع "كومبيوتر خارق" يفوق أشباهه عالمياً، وضمنهم الكومبيوتر الخارق الأميركي. وبذا انتزعت الصين من الولاياتالمتحدة لقب الدولة التي تحوز الكومبيوتر الخارق الأسرع، ما يسبغ عليها لقب القوة الكبرى في الكومبيوتر. وأطلقت الصين على كومبيوترها الخارق اسم "تيانهه 1 أ". وكشفت أنه يعمل عبر بلايين الرقاقات الإلكترونية التي ترتبط مع بعضها البعض بطريقة الربط بالتوازي، ما يزيد في تناغم عملها. وتفوّق "تيانهه 1- أ" بضعف ونصف الضعف على ال"سوبر كومبيوتر" الأقوى في أميركا، واسمه "كراي أكس تي 5 جاغوار" (مقرّه ولاية تينيسي)، الذي يتبع وزارة الطاقة الأميركية. ___________ * جزء من مقال مطوّل عن هذا الموضوع يظهر في صفحة المعلوماتية والاتصالات في جريدة "الحياة" هذا الاسبوع.