إذا كان النسيان شكلاً من أشكال الحريّة، كما كتب جبران خليل جبران، فإن فريقاً من الباحثين اليابانيين وجدوا طريقة ل "تحرير" المصابين بالاضطرابات النفسية من ذكرياتهم المؤلمة، إذ وجدوا أنه من الممكن الفصل بين الذكريات بحيث لا ترتبط تجربة معينة بأخرى في الذهن، ما قد يؤدي إلى طرق أكثر فاعلية في علاج الاضطرابات النفسية الناتجة عن تجارب مؤلمة، خصوصاً اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD). وقام الباحثون في جامعة توياما اليابانية بإجراء أبحاث أولية على فئران، إذ خلقوا في ذهنها ذكرى مؤلمة متعلقة بمحلول السكر (عبر حقن الفئران بليثيوم كلورايد، ما سبب شعورها بالغثيان)، وبعد مرور بضعة أيام، علّم الباحثون الفئران أن تربط بين وخزة كهربائية صغيرة، وبين صوت صفارة، وفق ما نشرت مجلة "نيو ساينيست" العلميّة. بعد ذلك، ربط الفريق بين صوت الصفارة (المرتبط بفكرة الألم) وبين مذاق محلول السكر، بحيث، في النهاية، بدأت الفئران تتجمد من الخوف إذا تذوقت محلول السكر وحده، من دون التعرض للألم أو الوخز. حاول الباحثون بعدها الفصل بين هذين الذكرتين، باستخدام أسلوب "أوبتو جينيتكس" (optogenetics) الذي يستخدم نبضات من الضوء لتشغيل أو إطفاء خلايا عصبية، حتى لم تعُد الفئران تتجمد خوفاً إذا تذوقت محلول السكر، إلا أنها تجمدت عند سماع صت الصفارة (المرتبط أساساً بالألم)، ما أثبت أن الذكريات التي خلقها الباحثون لم تتلاشَ، بل تم فصل الربط بينها فقط.