هاجم أعضاء مجلس الشورى وزارة التجارة والاستثمار، منتقدين ضعفها في مهاجمة التستر التجاري، ووصفوها بأن دورها اقتصر على تلقي البلاغات، وأنها عطلت هيئة توليد الوظائف، وسببت خسارة 10 في المئة من الموازنة، إذ تبلغ خسائر «الاقتصاد الخفي» 246 بليوناً. وفي انتقاد شديد من عضو مجلس الشورى محمد العباس، قال إن تقرير الوزارة «مضلل»، وإنها كانت تمارس «إدارة جرثومية» تتعمد إخفاء الحقائق. وأشار آل عباس إلى أن ثمة أرقاماً «مرعبة، وبلايين ضائعة لم يوضحها التقرير في شكل مباشر، كما لم يوضح حال التموين وأسعار السلع». وتساءل: هل نحن في وضع آمن من ناحية توافر التموين؟ مبيناً أن «التجارة» كانت تتحدث في جداولها للسلع كأنها مصدرة لها، مع أن المعروف أن الدولة لا تصدّر سوى النفط. وقال: «قبل القضاء على جرثومة التستر التجاري ينبغي القضاء على الإدارة الجرثومية في «التجارة»، واكتشاف أسباب ضعف الإدارة قبل العلاج، مطالباً إياها بدراسة إحصاء لحاجات السوق المحلية من السلع التموينية، ونسبة الإنتاج المحلي منها، ليتم على ضوئها تحديد حجم الاستيراد من السلع». جاء ذلك خلال مناقشة المجلس تقرير لجنة الاقتصاد والطاقة، بشأن التقرير السنوي لوزارة التجارة والاستثمار، الذي تلاه رئيسها عبدالرحمن الراشد. وطالبت اللجنة في توصياتها وزارة التجارة والاستثمار بالتنسيق مع الغرف التجارية والصناعية ومجلس الغرف السعودية، لتنمية القدرات الإدارية والكفاءة الاقتصادية للمنشآت التجارية، تخطيطياً وتنظيمياً وإدارياً ومعلوماتياً، وبالتعاون مع الجهات ذات العلاقة لإلزام المنشآت التجارية باستخدام الأنظمة الإلكترونية في معاملاتها، للحد من ظاهرة التستر. من جانبه، قال محمد آل ناجي: «كان من الأولى إنشاء هيئة لمكافحة التستر، بدلاً من إنشاء هيئة لمكافحة البطالة وتوليد الوظائف، فالتستر على الأجانب وتوظيفهم هو السبب في بطالة المواطن، ولن تنجح هيئة توليد الوظائف إلا بمكافحة التستر». ووصف آل ناجي إجراءات مكافحة الغش بأنها ضعيفة، ولفت إلى ضياع مئات البلايين، بسبب التحويلات المالية التي أدى إليها التستر، منتقداً دور وزارة التجارة في اقتصارها على تلقي البلاغات، مؤكداً أن مخاطر التستر أسهمت في إيجاد البطالة والغش التجاري. إلى ذلك، طالب منصور الكريديس بمساءلة وزارة التجارة عن اقتصار عملها في مكافحة الغش التجاري على تلقي البلاغات فقط، مشيراً إلى أن تزايد حالات التستر أضر بالكثير من طالبي العمل من المواطنين، مطالباً بدراسة تفصيلية عنها، وبتفعيل نظام مكافحة التستر التجاري. وأشار الكريديس إلى أن الدولة تخسر بسبب «الاقتصاد الخفي» الذي يخلفه التستر 246 بليون ريال، أي ما يعادل 10 في المئة من الإجمالي الكلي لموازنة المملكة. وذكر عبدالعزيز الحرقان أن التستر يتركز في 40 في المئة من قطاع المقاولات، مطالباً بوضع التشريعات والمعالجات من مرض التستر المتزايد. وتساءل الحرقان: هل تكفي الجولات البشرية في القضاء على الغش التجاري؟ وجاء دور عطا السبتي ليتساءل هو الآخر عن دور الملحقيات التجارية في الخارج للحد من وصول بضائع مقلدة إلى السوق السعودية. وبيّن السبتي أن سمعة المنتج السعودي في «خطر»، بسبب انتشار السلع «المغشوشة والمقلدة»، حتى أنها أصبحت ظاهرة، وشدد على دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، نظراً لانعكاس ذلك على الاقتصاد الوطني، مشيداً بالإسهام الكبير الذي تقدمه تلك المنشآت للاقتصاد في دول أوروبا وأميركا. كذلك، نعى الأمير خالد آل سعود على وزارة التجارة أنها خلال جولاتها على المنشآت التي تجاوزت 22 ألف جولة إنما رصدت نحو 6500 مخالفة فحسب، أي أنهم يجدون في كل ثلاث زيارات مخالفة، وطالب بالبحث عن النسب الكبيرة من هذه المخالفات وعن العقوبات عليها. واستفسر الأمير خالد عن أسباب عدم تشغيل 2000 مصنع حصلت على تراخيص صناعية، وعما إذا كان الهدف من الحصول على تلك التراخيص مجرد الحصول على تأشيرات لاستقدام العمالة فحسب، كما لفت إلى عدم انعقاد الجمعيات العمومية ل15 في المئة من الشركات المساهمة، وطالب الوزارة بإجراءات بحق مجالس إدارات تلك الشركات، لحفظ حقوق المساهمين. كما نبه محمد العلي إلى خطورة السلع المغشوشة، وإلى أن الإحصاءات تشير إلى وجود 22 ألف «شاحن هاتف» غير مطابق للمواصفات، ما قد يتسبب في كوارث. وتحدث سلطان آل فارح عن ضرورة دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي تعاني مشكلات في الإدارة والتمويل والتخطيط، كما أشار إلى وجود العديد من الوظائف التي يشغلها غير سعوديين في هذا القطاع، وقال إنها تشكل 84 في المئة من إجمالي المنشآت، وهي الداعم الأساس للاقتصاد السعودي. بدوره، لاحظ فهد البادي عدم وجود خطة لدى وزارة التجارة والاستثمار لتحسين تنافسية المملكة وفق المعايير الدولية. فيما رأى محمد القحطاني أن أصحاب السجلات التجارية يجنون عوائد مالية من عمالتهم السائبة. وتساءل فهد بن جمعة عن حجم حاجة السوق من السلع التمويلية، ونسبة الإنتاج المحلي من تلك السلع، ليتم تحديد حجم الاستيراد.