ما إن نسمع كلمة متحف، يتبادر إلى ذهننا أنه مكان يجمع كل ما له صلة بالماضي من آثار وتحف، ولكن عندما تضاف إليها كلمة أطفال فقد يرافقها ظن بأنه متحف يشبه متاحف الكبار، ولكنه في شكل مصغر وقد يكون أكثر مللاً. بيد أن متحف الأطفال في الأردن الذي أنشئ في العام 2007 بمبادرة من الملكة رانيا، وتصميم شركة «هيلين شارب» البريطانية وتنفيذها، كسر هذا التصور المغلوط عن المتاحف عموماً. فطموح المتحف أن يكون رافداً في تطوير المنظومة التعليمية في الأردن كي يتوازى مع التوجهات الحديثة في التربية والتعليم بالعالم بينما الرؤية التي يسير عليها، أن يكون وسطاً بين الجد واللعب، أي من خلال ربط المرح بالتعلم، أو جعل المرح واللعب وسيلة للتعلم، من أجل الخروج بالطفل من جفاف العلوم الجادة التي تطغى على المتاحف العلمية، والبعد عن قلة الفائدة الذهنية في اللعَب الموجودة في حدائق الأطفال وملاهيهم. يقع المتحف بين أحراج حدائق الحسين في ضاحية دابوق البديعة في عمَّان، على مساحة تقدر ب20 ألف متر مربع، ما يوفر بيئة طبيعية ومناخاً مثالياً للأطفال لإكسابهم مشاعر إيجابية ولحظات لطيفة تترافق مع جولتهم التعليمية المرحة في المتحف حتى ترسَّخ في باطن عقولهم كتجربة مميزة. ويحوي أكثر من 150 وسيلة تعليمية مختلفة، تندرج تحت أقسام مختلفة مثل: علوم الفضاء، البناء، الجو والطيران، استوديو الفن والعصور القديمة والرياضيات، إضافة إلى المكتبة والدكان وغيرها... وتتجه بعض الأقسام إلى توفير حياة افتراضية مشابهة للحياة الحقيقية كالبنك والتموينات ومراكز الشرطة. ويتطلب استعمال هذه الوسائل والاستفادة منها، أن يتفاعل معها الطفل وحده أو مع أقرانه الآخرين أو حتى مع الوالدين. والأثر المرجو من كل لعبة أو وسيلة، تنشيط الذكاء وتحفيز الإبداع ورفع حدود الخيال عند الطفل حتى تكون نواة لانطلاقات علمية نيرة في المستقبل ما يعكس شعار المتحف وهو «إلعب اكتشف تعلم». وعن مدى الإقبال على المتحف تقول مديرة العلاقات العامة فيه آية يونس: «يحظى المتحف بإقبال كبير، إذ بلغ عدد الزائرين منذ افتتاحه وحتى الآن نحو 400 ألف زائر، ولدينا زوار من جميع الجنسيات، وينظم المتحف زيارات لطلبة المدارس على مدار السنة». وتضيف: «يحتاج الطفل على الأقل إلى ساعتين لزيارة أكبر عدد ممكن من الوسائل التعليمية». ويتسم المتحف أيضاً بروح التجدد والتفاعل المستمر مع مجتمع الطفل، فلا يكتفي بعرض ما لديه من وسائل تعليمية دائمة وتكرارها على مدار السنة، بل قد يضيف برامج ونشاطات موسمية أخرى كالسيرك أو تقديم ندوات معينة. واللافت أنه يسمح بإقامة أعياد ميلاد للأطفال في أركانه بعد التنسيق والحجز. ومن المفارقات الطريفة، تفاجؤ الآباء وهم يدرّسون أبناءهم أنهم نسوا الكثير من المعلومات الحيوية التي سبق أن تعلموها، بسبب انغماسهم في مطحنة متطلبات الحياة العملية. لذلك يقدم المتحف فرصة للوالدين لمراجعة معلومات مهمة في شتى العلوم مع أبنائهم قد يكونون نسوها منذ زمن بعيد.