شهد حي الحرازات الذي يقع أقصى شرق مدينة جدة عملية أمنية فجر أمس (السبت)، إذ داهمت قوات الأمن إحدى الاستراحات، التي يختبئ فيها إرهابيان وتبادلت إطلاق النار معهما. وأسفرت العملية عن انتحار الإرهابيين، بعد استخدامهما أحزمة ناسفة نتيجة حصار قوات الأمن موقعهما، وطالبتهما قبل ذلك بتسليم نفسيهما، فبادرا بإطلاق النار على رجال الأمن، الذين تعاملوا مع الموقف بالمثل، قبل أن يقدم الإرهابيان على الانتحار بعد فشلهما في محاولة الهرب. وبعد انقضاء الجزء الأهم من العملية بالقضاء على اثنين من الإرهابيين والقبض على شخصين آخرين، أحدهما امرأة، بقيت فرق التحري الجنائي حتى المساء تواصل عملها لتفكيك العبوات ورصد المضبوطات، إذ يعتقد أن الوكر كان محلاً لتصنيع مواد متفجرة بغرض استخدامها في عمليات لاحقة، قبل أن ترصدهما وتلاحقهما يقظة رجال الأمن. كان يوماً طويلاً بالنسبة إلى سكان حي الحرازات، الذين يربو عددهم على 100 ألف مواطن، لكن نهايته كانت تأكيداً لدور رجال الأمن الاستباقي في تفتيت خطط الإرهابيين ونواياهم الخبيثة، وفرضت القوات الأمنية طوقاً حول موقع العملية حتى ساعات المساء الأولى، وكان بعض المواطنين المتجمهرين ومن سكان الحي يلقون التحايا على رجال الطوارئ وهم يغادرون المكان بعد انتهاء مهمتهم بالقضاء على الإرهابيين، فيما بقيت فرق البحث في المكان لاستكمال الإجراءات. بعض المواطنين لم يعرف بأمر العملية إلا بعد انتهائها في الساعة السابعة تقريباً من صباح السبت، وذكر المواطن أيوب بن الشيبة أن بعض سكان الحي القريبين من موقع الاستراحة، بينما هم يهمون بالخروج من صلاة الفجر استوقفهم رجال الأمن بعض الوقت وطلبوا منهم البقاء في المسجد، ولم يمضي الكثير من الوقت حتى طُلبت منهم المغادرة بسلام بعد التأكد من انتهاء العملية الأمنية بنجاح. وذكر أحد المواطنين أن بعض السكان المجاورين استيقظوا على صوت الرصاص، ولوحظت الآليات الأمنية وهي تتمركز حول الموقع قبيل أذان الفجر، وطُلب من الإرهابيين تسليم نفسيهما، لكنهما بادرا بإطلاق النار، وتعامل معهم رجال الأمن بالمثل، قبل أن تضيق الدائرة بالإرهابيين ليلجئا إلى تفجير نفسيهما عند الساعة ال6:30 تقريباً، إذ شوهدت كرات من اللهب تتقافز من أعلى الاستراحة التي كانت تتحصن فيها الخلية الإرهابية. وقال المواطن عسيري إنه عاش لحظات عصيبة منذ ساعات الفجر الأولى، وشاهد موقع العملية الذي يبعد عنه 400 متر فقط وهو يعج بوابل من الرصاص، وروى أنه حاول الخروج وتبين الموقف، لكن رجال الأمن منعوه من ذلك، لكنه شعر بالاطمئنان بمجرد رؤيتهم ينتشرون في المكان، وذكر أن الواقعة كانت مفاجأة صادمة لسكان الحي تماماً، الذي لم يشهد مثل ذلك من قبل، وعاش الهدوء والأمان ليلة أول من أمس (الجمعة)، قبل أن تحل المفاجأة بحلول فجر السبت. وأضاف مواطن آخر أنه شعر بحركة مريبة وانتشار سيارات غير مألوفة حول المكان منذ الثالثة فجراً، «لكن أحداً لم يتوقع تحصن إرهابيين بجوارنا قبل أن يبدأ تدافع آليات الأمن ورجال الطوارئ وفرض الطوق، الذي منع الدخول أو الخروج حتى انتهاء العملية». وأكد أن الانفجار الذي وقع كان من أحد الانتحاريين، إذ فجر نفسه بواسطة حزام ناسف، ما سبب هلعاً شديداً، «وشعر الجميع بهزة عنيفة، ورعب النساء والأطفال من الانفجار». وذكر مواطنون يقطنون الحي أن «المستأجر الجهني» جاء برفقة امرأة ادعى أنها الثانية، وأن الأولى تسكن في حي الصفا شمال جدة، بحسب زعمه، وقدِم إلى الحي قبل شهرين، وكانت لحيته طويلة، وسلوكه لطيفاً ولا تبدو عليه مظاهر تدل على انتسابه إلى الفكر المتطرف أو الجماعات الظلامية، وأنّه سلم الدفعة الأولى من عقد الإيجار الذي يمتد عاماً كاملاً، وانطوى في بيته، لم يخالط أحداً ولم يجالس أو يستضف أو يحتك بأحد على الإطلاق. وإثر انقضاء العملية، التي لم يصب فيها أي مواطن أو رجل أمن بأذى، بدت أشلاء الإرهابيين ممزقة وتنتشر في المكان، فيما اصطف رجال الأمن في فناء أحد المنازل المجاورة لأداء صلاة الفجر جماعة.