أكد السفير السعودي لدى لبنان علي بن عواض عسيري «أن هدف المملكة العربية السعودية لمّ شمل اللبنانيين من جميع الأطياف، سنة ومسيحيين وشيعة ودروزاً، وأن تمنيات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أن يرى وحدة الصف اللبناني». وكان عسيري يتحدث في عاصمة الشمال اللبناني طرابلس التي جال فيها امس، ملتقياً سياسييها وفاعلياتها في يوم طويل تخلله اداء صلاة الجمعة في مسجد «ابو بكر الصديق». وازدانت المدينة باللافتات المرحبة بالسفير السعودي ورفعت في شوارعها صور خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. لقاء كرامي واستهل السفير عسيري زيارته بلقاء الرئيس السابق للحكومة عمر كرامي في دارته على رأس وفد كبير من اركان السفارة، وشارك في اللقاء الذي دام نصف ساعة، نجل الرئيس كرامي فيصل، ونقل عسيري تحيات خادم الحرمين الشريفين الى الرئيس كرامي، الذي أثنى بدوره على «الجهود الكبيرة التي يبذلها الملك عبدالله من اجل انقاذ الوضع اللبناني بالتعاون مع القيادة السورية». وانتقل كرامي والسفير عسيري والوفد المرافق الى حرم جامعة «المنار» - مؤسسة رشيد كرامي للتعليم العالي في ابي سمراء، وجالوا في اقسامها وانضم الى الاستقبال الرئيس السابق للحكومة نجيب ميقاتي والنائب سمير الجسر واحمد الصفدي ممثلاً وزير الاقتصاد محمد الصفدي وشخصيات، وتفقد الجميع المبنى الذي تبرعت بتشييده المملكة العربية السعودية قبل عام. وتوجه الجميع الى قاعة الكافيتريا حيث تناولوا طعام الفطور. وأقيم احتفال اعلن خلاله رئيس الجامعة احمد سامي منقارة انه «تكريماً لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، سيحمل المبنى الذي شيد بدعم المملكة اسمه الكريم وهو الدليل على اهتمام المملكة بتوفير العلم للبنانيين». واذ لفت الى ان الجامعة «تقدم للطلبة أربعة وأربعين اختصاصاً تعليمياً في كلياتها السبع»، أكد ان «دعم المملكة للجامعة يشكل حلقة من سلسلة المكرمات التي خصت بها المملكة لبنان لدعم المؤسسات التعليمية». وذكر ب «تكفلها بإعادة إعمار 223 قرية جنوبية بعد الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان إضافة إلى بناء مجموعة من الجسور التي دمرها القصف الإسرائيلي، ومنها جسر الملك فيصل في الملولة وجسر الطائف في محرم إضافة إلى تجهيز المدينة بشبكة الإنارة العامة وإشارات السير الضوئية وتوسيع مبنى البلدية وترميم القسم القديم منه». وقال: «وإذا كان للوزير عبدالعزيز خوجة دور مميز في تحقيق هذه المكرمات بتوجيه من الملك عبدالله بن عبدالعزيز، فإن زيارة السفير عسيري اليوم للجامعة دليل اهتمامه أيضاً باستمرار هذا الدعم لها كمؤسسة علمية». وأعرب السفير عسيري عن سعادته للتواجد في طرابلس«المدينة العزيزة وفي هذا الصرح الجامعي ناقلاً اليكم تحيات ومحبة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وعبركم الى أبناء طرابلس والشمال وأبناء هذا البلد الطيب جميعاً»، وتوقف عند لقائه الرئيس كرامي «الذي نكن له ولعائلته الكريمة كل المحبة والتقدير للدور الوطني الكبير الذي تتابع هذه العائلة تأديته ولتفانيها في خدمة هذه المدينة وهذه المنطقة وابنائها». وقال: «أراد خادم الحرمين الشريفين المساهمة في تمويل هذه الجامعة بمبلغ مليوني ونصف مليون دولار لإنشاء مبنى يضم قاعة محاضرات و24 قاعة تعليم، ايماناً منه بالعلم وبضرورة توفير العناية والاهتمام الكاملين للأجيال الطالعة لأن الشباب هم مستقبل الوطن، وقبل كل ذلك وبعده تعبيراً عن محبته لهذه المدينة وأهلها الشرفاء. والحمد لله ان هذه الجامعة تسير في ركب التقدم سنة بعد سنة». ورحب كرامي الذي يشغل منصب رئيس مجلس أمناء الجامعة ب «ضيف عزيز من بلد عزيز رسالته الحق والخير اليوم كما من ألف عام كما من أول البعث، فسلام إلى أقدس أرض، وسلام إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وأهلاً بك بين أهلك وقومك ضيفاً ومضيفاً، فأنت من أهل البيت والمنار منارك ومنارنا ومنار الدعوة الطيبة والسعي الدؤوب الى صباحات دائمة الاشراق». واعتبر «ان هذا المبنى بمثابة صدقة جارية وان اسم عبدالله بن عبدالعزيز سيبقى مناراً في المنار مع تعاقب الأجيال». واذ اشار الى انه لن يخوض «في تفصيلات الخلافات السياسية التي يعيشها لبنان في هذه الآونة»، اكتفى بالقول أن البلد «لا يزال عالقاً في المتاهة الجهنمية التي أنتجها القرار 1559، فهذا القرار المشؤوم أدى الى انقسام حاد بين اللبنانيين حول كل شيء، وكل الويلات التي واجهناها في السنوات الأخيرة والتي نواجهها اليوم، انما مصدرها هذا الانقسام». وشكر كرامي في تصريح صحافي «القيادات السعودية كلها على دعمها، ومحبتها للبنان ووضع كل الامكانات من أجل الاستقرار والهدوء والحوار فيه، ونحن منذ شهر نرى ونسمع التركيز على طرابلس وانه سيحصل انفجار امني فيها وهو الشرارة التي سينطلق منها الى كل لبنان». لقاء الصفدي والجسر ثم زار السفير عسيري الوزير الصفدي في دارته في حضور النائب قاسم عبد العزيز ورؤساء بلديات ونقابيين سابقين، واكد ان «لن يخدم لبنان الا أهله ولا أحد يستطيع أن يفرق اللبنانيين اذا اتحدوا في ما بينهم، وأنا فخور بأن أرى هذا المشهد المعبر عن جمع قيادات طرابلس وأن أرى لبنان كله صفاً واحداً وأن تتحد قياداته من أجل المصلحة الوطنية، وأملنا وتمنياتنا أن نرى لبنان مستقراً وموحداً وجميع القيادات السياسية فيه ملتحمة لحماية هذا البلد وتحصينه ضد أي شر». ورحب الصفدي بضيفه قائلاً: «نعتبر أن المملكة بشخص خادم الحرمين الشريفين وحكومته وشعبه الأم الحاضنة للبنانيين جميعاً وهي لا تفرق بينهم». ودعا السفير السعودي الى «أن يكون للمملكة وجود في طرابلس عبر مركز خاص بها كما هي موجودة في قلوب الطرابلسيين». وزار السفير السعودي والوفد المرافق النائب الجسر في دارته في حضور النائبين محمد كبارة وبدر ونوس ورئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر. وصرح بعد اللقاء انه كان سعيداً «لأن أصغي الى همومنا المشتركة سواء في لبنان وغير لبنان، وتمنياتنا دائماً أن نرى هذا البلد آمناً ومستقراً». واكد ان «زيارة طرابلس هي في أولويات برنامجي منذ مجيئي الى لبنان، ولكن الظروف أخرت حدوثها». ورداً على سؤال، قال: «لننظر الى الزيارة التي قام بها الملك عبدالله الى لبنان وما عكسته من حرص شديد لدى خادم الحرمين الشريفين على أن يرى وحدة الصف اللبناني وأن يرى اللبنانيين الذين يجب ان يحصنوا أنفسهم. ومجرد وجوده مع الرئيس السوري بشار الأسد واجتماعه مع الرئيس اللبناني ميشال سليمان في بعبدا، عكس فوراً استقراراً وهدوءاً لدى الجميع. وهذه تمنيات خادم الحرمين الشريفين، ودائماً من ضمن اهتماماته أن يرى وحدة الصف اللبناني ونبذ الفتن والخلافات وتحصين الجبهة الداخلية لتبقى دولة لبنان قوية ومحصنة ضد أي شيء يؤثر عليها وعلى استقرارها». واثنى الجسر على وقوف «المملكة الى جانبنا في كل المنابر السياسية سواء الإقليمية أم الدولية. وعند الحاجة، وكانت اليد الأولى والأكبر بمد العون الى لبنان». المفتي الشعار وزار السفير عسيري مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار في دارته، في حضور حشد من الشخصيات السياسية والدينية والإجتماعية. ورحب المفتي الشعار بالسفير السعودي، ودعاه الى «التفاتة متأنية واحتضان لا أقول أكثر من أي منطقة أخرى حتى نزيل لباس اليأس ومظاهر البؤس التي لم تزل منذ عام 1974 حتى الآن قائمة، طرابلس التي تستقبلكم وتتمنى عليكم عبر مفتيها حتى تنال شيئاً لتزيل بعض آثار الحروب المدمرة التي مرت بنا». ورد عسيري بكلمة قال فيها: «ما مر به لبنان من أزمات كان كل سعودي يتابع ويتألم لألم كل أخ في هذا البلد، أتينا اليوم للتواصل وللتعبير عن محبة القيادة السعودية والشعب السعودي لكم جميعاً، ونحن فخورون بما رأينا في شوارع طرابلس من عبارات الود والترحيب وصور خادم الحرمين الشريفين التي تعكس المحبة والصداقة والإخلاص في ما بين أهل هذه المدينة وما بين اخوانهم في المملكة العربية السعودية، ولن نألو جهداً في عمل ما نسميه واجباً تجاهكم وتجاه هذه المدينة». وشدد على «الدور الإيجابي الذي يقوم به المفتي الشعار الذي هو دور مهم للغاية لوحدة الصف ليس السني فحسب ولكن للمسلمين والمسيحيين وللتوافق والعيش المشترك في هذا البلد، ونعرف أن لبنان له ميزة هي العيش المشترك الذي عاش عليه الآباء والأجداد وبالتالي فإن ما أراه وأسمعه وأشاهده من نشاط وتوجهات معتدلة نفتخر به جميعاً وندعو بالتوفيق وإلى وحدة الصف ونبذ الخلافات والفتنة وتحصين لبنان وأهله، من الشر وما تتربص به عدوتهم إسرائيل». وأم المفتي الشعار المصلين في حضور السفير السعودي وحض في خطبته على «وأد الفتنة في مهدها». وذكر بالفتوى التي أطلقها بأنه «يحرم على أحد قتال المسلم وقتال اللبناني وأن السلاح يجب ألا يرفع إلا في وجه العدو الإسرائيلي». ميقاتي ولبى السفير السعودي دعوة الغداء التي أقامها على شرفه الرئيس ميقاتي في مطعم «الشاطئ الفضي» في الميناء، والتي حضرها كرامي، النائب سليمان فرنجية، ونواب طرابلس وحشد من الشخصيات الروحية والسياسية والحزبية والاجتماعية والنقابية والقضائية والاقتصادية. وأكد ميقاتي في كلمة ان «الازمة التي يمر بها لبنان لا نجد لها مخرجاً الا من خلال الحوار الصادق والمسؤول بهدف ابراز القواسم المشتركة التي تجمع ابناء هذا الوطن بروح توافقية ارساها اتفاق الطائف وتعزز الشراكة الوطنية بعيداً عن الاستئثار او الهيمنة او التسلط»، وشدد على «ان هذه الروح هي التي تعطي الاولوية للحفاظ على وطننا وكياننا ووحدتنا الوطنية وتسقط محاولات ازكاء الفتنة التي نراها تطل برأسها من جديد تحت عناويين مختلفة». واذ اكد «العلاقة الاخوية المتينة التي تجمع بين لبنان والمملكة الشقيقة»، شدد على انها «ازدادت رسوخاً وعمقاً خلال السنوات فكانت المملكة السند والعضد في الملمات وصمام الامان الذي حفظ وحدة اللبنانيين الى اي طائفة او مذهب او فريق سياسي انتموا كما كانت ولا تزال العامل الاساسي في دعم نهوض لبنان الاقتصادي وتقدمه وازهاره». واكد عسيري ان «ما هو مطلوب من اللبنانيين مطلوب في شكل خاص من المسلمين الذين استطاعوا على الدوام تقديم خير مثال في الوحدة وادركوا منذ فجر الاسلام ان اختلاف المذاهب رحمة ويجب ان يظل كذلك، فلا فرق بين مسلم وآخر الا بالتقوى وبقدر ما يحض عليه اتباعه». واذ أشار الى الدعوة الى حوار الاديان التي اطلقها الملك عبد الله قبل سنوات ولقيت قبولاً دولياً، سأل: «من افضل من لبنان بلد تنوع شعبه دينياً وحضارياً وثقافياً لكي يلاقي هذه الدعوة فأهله رواد في الحوار والعيش المشترك على مر التاريخ». وقال: «ان الرسالة التي احملها اليكم من خادم الحرمين الشريفين ان تتمسكوا بايمانكم ووطنكم وامتكم وتراثكم في العيش المشترك وان تستلهموا حكمة الآباء الداعية للألفة والمحبة وان تحافظوا على الروح الوطنية».