أعرب وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي عن بالغ القلق إزاء اندلاع أعمال العنف في شمال راخين بميانمار، والتي أسفرت عن سقوط أرواح بريئة، وعن نزوح عشرات الآلاف من أبناء الروهينغا المسلمة. ودعا البيان الختامي للدورة الاستثنائية لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء بالمنظمة، بالعاصمة الماليزية كوالالمبور وترأسته ماليزيا أمس (الخميس) حكومة ميانمار إلى اتخاذ تدابير حاسمة لإعادة الهدوء إلى المناطق المتضررة، مؤكداً – بحسب وكالة الأنباء السعودية - ضرورة أن تعمل حكومة ميانمار على ضمان أن تتصرف قوات الأمن وفق القانون، وعلى محاسبة جميع مرتكبي أعمال العنف ، وكذلك حثها على الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، وصكوك حقوق الإنسان، واتخاذ جميع التدابير اللازمة لوقف أعمال العنف والتمييز ضد أبناء أقلية الروهينغا المسلمة، ووقف المحاولات المستمرة لمحو ثقافتهم وهويتهم. وحث الاجتماع حكومة ميانمار على القضاء على الأسباب الجذرية لمحنة أقلية الروهينغا المسلمة، مُجدداً الدعوة لها إلى إعادة الجنسية للروهينجيا المسلمين، والتي انتُزعت منهم بموجب قانون 1982، مع اتخاذ تدابير فعالة للحيلولة دون تفاقم الأزمة الإنسانية في ولاية راخين. ونوه البيان الختامي بجهود الدول الأعضاء بالمنظمة، والمتضمنة تقديم المساعدات الإنسانية للمجتمعات المحلية المتضررة، حاثّاً المجتمع الدولي والدول الأعضاء في المنظمة على أن يحذوا حذوها، وداعياً حكومة ميانمار إلى اتخاذ جميع التدابير اللازمة من أجل إعادة استتباب السلم والوئام بين الطوائف عن طريق الحوار، ومن خلال عملية وطنية شاملة للسلام والمصالحة تنخرط فيها شرائح المجتمع في ميانمار، مع التأكيد في هذا الصدد على أهمية الوسطية بعدّها إحدى القيم الأساسية في مكافحة التطرف بجميع مظاهره. وأوصى المجتمعون في بيانهم بمواصلة الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي تقاسم الكلفة المالية الباهظة التي تتحملها البلدان التي وفرت المأوى والحماية للاجئين الروهينغا، وفقاً لمبادئ تقاسم الأعباء والمسؤولية المشتركة ووفاءً لروح التضامن الإسلامي، مطالبين حكومة ميانمار باعتماد سياسة شمولية وشفّافة إزاء الجماعات العرقية والدينية، عبر إشراك أقلية الروهينغا بصفتها جزءاً لا يتجزأ من هذه العملية وبوصفها أقلية عرقية، كما نصت على ذلك قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان ذات الصلة. وقرر الاجتماع التنسيق مع حكومة ميانمار فيما يخص إرسال وفد رفيع المستوى من فريق اتصال منظمة التعاون الإسلامي لزيارة ولاية راخين لمقابلة المسؤولين المحليين والمتضررين من أبناء أقلية الروهينغا المسلمة. كما طلب الاجتماع من الأمين العام استكشاف مبادرات مشتركة مع نظرائه في الأممالمتحدة ومنظمة آسيان من شأنها دعم حكومة ميانمار في وضع وتنفيذ برامج الحوار بين الديانات والمجتمعات المحلية في البلاد وفي منطقة جنوب شرق آسيا عموماً. وطلب وزراء خارجية الدول الأعضاء لمنظمة التعاون الإسلامي من مجموعات منظمة التعاون الإسلامي في كل من نيويورك، وجنيف، وبروكسيل إجراء استعراض منتظم للتطورات التي يشهدها الوضع واستكشاف استراتيجيات للتواصل المستدام مع ميانمار والأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي وغيرهما من المنظمات الدولية، حاثين الهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان في منظمة التعاون الإسلامي على إبقاء وضعية أقلية الروهينغا المسلمة في ميانمار قيد النظر، بوصفها قضية ذات أولوية على جدول أعمال الهيئة. من جهته، أكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور يوسف العثيمين أن المنظمة سعت إلى التعاون مع السلطات في ميانمار على مختلف المستويات، ودَعتها إلى اعتماد سياسة تتسم بالشفافية والعدالة تجاه الأقليات العرقية والدينية، مشددة في الوقت ذاته ضرورة قيام حكومة ميانمار باتخاذ الإجراءات الكفيلة والخطط العملية لتمكين الروهينغا من استعادة مواطنتهم، ومنع استمرار التمييز والعنف وموجة الانتهاكات غير المبررة ضدهم. وأوضح، في كلمة خلال افتتاح أعمال الدورة الاستثنائية لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء بالمنظمة أمس، أن منظمة التعاون الإسلامي عبّرت في عددٍ من المناسبات والمحافل الدولية عن بالغ قلقها إزاء العملية الأمنية التي تم إطلاقها في التاسع من تشرين الأول (أكتوبر) 2016، في ولاية راخين من قبل حكومة ميانمار، والتي أعقبتها حملة عنيفة ضد الروهينغا في دولة ميانمار. وقال: «وردتنا تقارير من مصادر مختلفة عن حدوث هجمات على مسلمي الروهينغا، بما في ذلك تعرضهم لعمليات قتل خارج نطاق القضاء، وإحراق منازلهم، وقيام قوات الأمن باعتقالات تعسفية في صفوفهم». وأبان العثيمين أنه ووفقاً لمكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فرّ أكثر من 65 ألف من أفراد الروهينغا إلى بنغلاديش وحدها خلال الفترة ما بين 9 أكتوبر 2016 و5 كانون الثاني (يناير) 2017، إضافة إلى الآلاف الذين أُجبروا على الفرار إلى دول أخرى أعضاء في منظمة التعاون الإسلامي ومنها ماليزيا، ودول الآسيان خلال موجات سابقة من العنف. وقال إنه في الوقت الذي تجدد فيه منظمة التعاون الإسلامي شجبها وإدانتها لأعمال العنف غير المبرر ضد الروهينغا، فإنها تدعو بكل حرص حكومة ميانمار إلى ضرورة تحلّي قواتها الأمنية بأقصى درجات ضبط النفس تجاه السكان المدنيين، ومنع الجماعات المتطرفة من تأجيج مشاعر الكراهية الدينية ووقف الأعمال العدائية بدون مبررات مقنعة أو شرعية ضد المجتمع المسلم.