تعول السعودية على عوائد السياحة المحلية في تنويع مصادر الدخل، وتقليص الاعتماد على النفط. ولا يتجاوز إسهام السياحة في الناتج المحلي الإجمالي حالياً خمسة في المئة، فيما تسعى المملكة إلى 18 في المئة في 2020، ضمن برنامج «التحول الوطني»، الذي يأمل في احتلال القطاع السياحي المركز الثاني في دخل الدولة بعد النفط، على مدى السنوات القليلة المقبلة. وأعلنت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني نيتها دعم المشاريع السياحية «المبتكرة والجاذبة»، ومنها «سياحة التلفريك» التي ظهرت خلال العقود الثلاثة الماضية، خصوصاً في المناطق الجبلية، ومنها الباحة، والطائف، وأبها (عسير)، وجازان، والأحساء. وتستقطب هذه المشاريع أعداداً كبيرة من الزوار، من مختلف مناطق المملكة وخارجها أيضاً، من الباحثين عن المتعة في التجول على ارتفاع مئات الأمتار، داخل عربات معلقة، والإطلال على مواقع سياحية تمتاز بمناظر خلابة. وأنشئ أول تلفريك في العام 1999، في منطقة الباحة، حينما تم التعاقد مع شركة نمسوية، لانشاء خطوط نقل التلفريك في غابات جبلية بالباحة. ويشمل العقد مشروعين، تبلغ كلفتهما حوالى 12 مليون ريال. تضمن الأول إنشاء تلفريك بحوالى 50 مليون شلن نمسوي، وبلغت كلفة الأعمال المدنية سبعة ملايين ريال، وبطاقة 800 راكب كل ساعة، لمسافة ثلاثة آلاف متر، على ارتفاع حوالى ألف متر. أما الخط الثاني فيربط بين ساحة الألعاب الشعبية وسط مدينة الباحة وغابة رغدان، أكثر الغابات استقطاباً للسياح في المنطقة. ويبلغ طول الخط حوالى ألف متر، وقيمة العقد المخصص للانشاء حوالى 14.9 مليون شلن نمساوي، فيما قدرت كلفة الأعمال المدنية الأخرى بحوالى خمسة ملايين ريال. ويعد «تلفريك الهدا» أحد أبرز المعالم السياحية في الطائف، وأقيم في العام 2008 على ارتفاع ألفي متر عن سطح البحر، وتصل سرعته إلى ستة أمتار في الثانية، ويربط بين قمة الهدا وأسفل الكر بطول 4200 متر للمسار الواحد. وتجذب مهرجانات «تلفريك الهدا» أعداداً كبيرة من السائحين سنوياً، للإفادة من العروض المقدمة لركوب العربات من المحطة العلوية الى السفلية في وادي نعمان، والعكس. ويحوي المشروع 52 عربة، إضافة إلى عربات مخصصة لكبار الزوار، وتبلغ الطاقة الاستيعابية للعربات ألف شخص في الساعة في الاتجاه الواحد. وتتسع العربة الواحدة لثمانية أشخاص، وتستوفي رسوم على نقل الأشخاص الكبار بواقع 50 ريالاً للاتجاه، و75 ريالاً للاتجاهين، فيما تقدر الفترة الزمنية للتنقل بين المحطتين ب17 دقيقة في الاتجاه الواحد. جنوباً، وصولاً إلى أبها (منطقة عسير)، وتحديداً مرتفعات السودة، حيث تستهوي عرباتها المعلقة الزوار المحلقة في سماء المنتجعات على ارتفاعات شاهقة، آلاف الزوار سنوياً. وتستغرق رحلة العربة دقيقتين ذهاباً وإياباً، ما يعادل 30 رحلة في الساعة، و300 رحلة في اليوم، وتراوح قيمة التذكرة بين 40 إلى 60 ريالاً. ويحوي التلفريك الذي تم الاستعانة بطائرات الهليكوبتر لبناء الأبراج والكيبلات والبنية التحتية، 23 عربة تقل كل واحدة منها ثمانية أشخاص، بواقع 700 إلى ألف شخص كل الساعة، وثلاثة آلاف و500 شخص في اليوم الواحد، وبمعدل مليون راكب سنوياً على مسافة 18 كيلومتراً. شرقاً، وفي محافظة الأحساء أعلنت أمانتها في العام 2014، عن اعتزامها تنفيذ مشروع «تلفريك» في متنزه جبل الشعبة. ويشمل المشروع مجموعة عربات كهربائية، تنقل الركاب من أسفل الجبل إلى أعلاه، بارتفاع 72 متراً عن سطح الأرض، والاتجاه بين قمتين مرتفعتين في الجبل بطول 300 متر في زمن يقدر ببضع دقائق. ويبلغ طول الجسور 450 متراً طولياً. ويطل المشروع الذي بدأ العمل فيه قبل يومين، على واحة الأحساء، ويستهدف شرائح مختلفة، خصوصاً فئة الشبان لتلبية هواياتهم البرية، من مغامرات السيارات وتسلق الجبال. ويتضمن المشروع إنشاء جسور خشبية معلّقة للصعود والوصول إلى قمة الجبل، وتبلغ مساحة المشروع مليون متر مربع. وبالعودة إلى الجنوب، لجأ أهالي جبال فيفا إلى التلفريك البدائي لربط جبالها في بعضَها منذ عام 2012، حتى باتت أسلاكُه المعدنية أسلوب حياتهم اليومية لتفادي صعوبة التضاريس الوعِرةَ في أعالي الجبال. وتراوح كلفة إنشاء التلفريك بين 15 ألفاً و20 ألف ريال، فيما تتفاوت أطوال مجموعة تلفريك جبال فيفا بين 200 و500 متر. وفيفا عبارة عن مجموعة من الجبال الملتفة حول بعضها وتبدو من بُعد على شكل جبل واحد هرمي الشكل، يكاد يكونُ لكل بيت تلفريك خاص، لكن قلةً منهم يثقونَ في قدرةِ وسيلة التنقل هذه على إيصالهم سالمين من دون التعرض إلى حادث سقوط من ارتفاع شاهق.
