تزوجت أمها... حاولت أن تتقبل الوضع الجديد. فشلت. لم تتقبل «شخصاً غريباً» تربطه علاقة بوالدتها، وشكل حياتها الجديد، بعد أن تجاوزت ال 19 سنة. وتحول زواج والدتها إلى معاناة. لم تستطع تخطي هذه المرحلة... فأقدمت على الانتحار! وتؤكد الدراسات في المملكة العربية السعودية ان 80 في المئة ممن يقدمون على الانتحار تراوح اعمارهم بين 18 و30 سنة، فيما تنطبق النسبة المتبقية على من تتجاوز أعمارهم 30 سنة. وتشرح الاختصاصية الاجتماعية عبير البكر أن أسباب الانتحار تختلف وتتنوع باختلاف الأفراد والبيئة الاجتماعية والظروف التي يعيشها الفرد، مشيرة إلى ان «الاكتئاب الشديد يعتبر أهم الأسباب الدافعة للانتحار، لشعور المقدم على ذلك بانعدام الأمن والعاطفة». وتشدد على أن من ينتحرون أو يحاولون الانتحار ينتمون إلى كل الطبقات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، مؤكدة صحة الدراسات التي لا تشير إلى تأثير كبير أو ترابط وثيق بين مستوى الأسرة الاجتماعي الاقتصادي والثقافي ودوافع الانتحار. وتوضح البكر أن الأسباب الاجتماعية تعد الأكثر تأثيراً، إضافة إلى الفشل الدراسي، ويزيد ذلك خطورة موقف الأهل، الذين يعلّقون آمالاً كبيرة على أبنائهم ويأملون بتحقيق ما لم يتمكنوا من تحقيقه، من خلالهم، فيلجأون إلى استعمال القمع والقوة للوصول إلى ما يبتغون، وهو ما يشكل نقطة التقاء للظروف السلبية التي تولد اكتئاباً شديداً. وتقول ان المقبلين على الانتحار غالباً ما يشعرون ب «الضعف والعجز عن الإقدام عليه، قبل أن يدخلوا في مرحلة العزل التي يرفضون فيها الواقع الذي يعيشونه، نتيجة فقدانهم الانتماء إلى المجتمع ولكونه لا يعود عليهم بأي نفع». كما يعتبر العزل نتيجة لشعور المراهق بأنه لا يملك الحق في ترك أهله لأنه يشعر بالارتياح معهم. ويكشف وليد الزهراني اختصاصي في علم النفس، أن عدد حالات الانتحار التي اطلع عليها من قبل أسر المنتحرين خلال العام الماضي تصل إلى 20 حالة، في حين أن محاولات الانتحار بلغت 40 حالة. ويصنف الزهراني الانتحار في نوعين: ناعم وخشن. ويعتبر أن اختيار اسلوب الانتحار يتبع شخصية المنتحر، مشيراً إلى أن الإناث أكثر إقبالاً على الانتحار «الناعم» الذي يؤدي إلى الموت البطيء بعيداً من الدم ومن خلال تناول مجموعة من الأدوية أو شرب مواد كيميائية، بينما الذكور يستخدمون الأسلحة، أو الشنق للانتحار. ويلفت إلى أن أسباب الانتحار إجمالاً نفسية، خصوصاً الكآبة والضغوط المادية أو فقدان أحد أفراد الأسرة، ما يؤدي إلى ارتفاع هرمون الاكتئاب لدى الشخص، وقد يستمر الاكتئاب في حال لم يخضع إلى علاج نفسي. ويضيف: «في حال إهمال العلاج، تتكاثف الأفكار السلبية وتزيد من جرعة اليأس من الحياة، وهذه الخصائص كلها ذات علاقة قوية تجعل المرء يهرب ويفكر بالانتحار، ليصبح تحت رحمة فكرة «الكل أو لا شيء»، مشيراً إلى أن أساس الاضطراب ناتج من عجز في التفكير والتعبير اللفظي للأحاسيس العاطفية والانفعالية.