عندما نستمع أحياناً إلى طرح بعض منتسبي الوسط الرياضي عقب تعرّض المنتخب أو أحد الأندية لنكسة، نجد من المنطقي ألا تتقدم كرة القدم السعودية ولا تحقق بعضاً مما حققته سابقاً، وعقب إقصاء الهلال من نصف نهائي دوري أبطال آسيا لكرة القدم أمام ذوب آهن الإيراني ألقى البعض باللائمة على حكم المباراة وراحوا يمجّدون أحد المعلّقين الذي وجّه عبارات مسيئة للحكم الأوزبكي خلال تعليقه على أحداث المباراة، بل وتناقلوا مقطع «الشتيمة» على مواقع الإنترنت، على اعتبار أن هذا المعلّق يمتلك من الجراءة ما منحه القدرة على انتقاد الحكم وإلقاء المسؤولية على عاتقه! ولولا أن مسؤولي الهلال يمتلكون قدراً من الواقعية لرأينا العجب، خصوصاً أن من أسهل الأمور الحديث عن التحكيم وجعله شماعة للهزائم! وكثيراً ما يتسبب معلّق المباراة في صرف نظر المتفرجين عن الحقيقة وأخذهم إلى ما يراه، وهو أمر تكرر كثيراً في مناسبات سابقة، والغريب أن توجيه الانتقادات للحكم يصاحبه عادة فشل ذريع في أداء المنتخب أو الأندية، ولم نسمع يوماً انتقاداً للحكم حين تكون منتخباتنا وأنديتنا في أفضل حال. ندرك تماماً أن بعض المعلّقين يحاول إظهار الولاء بطريقة خاطئة، ما يجعله يتفوه من فرط الحماسة بعبارات يترفع عنها أكثر المشجعين انفعالاً في المدرجات... ولا أعتقد أن الهلال كان يومها بحاجة لمن يبرر قلة حيلته لأن أسباب الإخفاق لا ينكرها إلا مكابر... وحقيقة لو كان طرف المباراة أحد الأندية المهمومة بالحكم وقراراته لوجدت بضاعة ذاك المعلّق رواجاً، ولأصبح كلامه أداة توجيه للرأي العام، خصوصاً أن مسؤولي بعض الأندية يجدون في الحديث عن التحكيم وسيلة لصرف الأنظار عن «تخبيص» فرقهم، خصوصاً أن جماهير كرة القدم السعودية تمتلك قابلية لتصديق ما يقال عن الحكم والتحكيم من دون تمعّن! ومع الأسف أصبحنا نسأل عن هوية الحكم قبل أن نبحث عن تشكيلة الفريقين، على اعتبار أن حالاً من الاحتقان ضد الحكام تراكمت على مدى سنوات طويلة وخلقت حساسية مفرطة ضد أخطاء التحكيم، فأصبح الأصل في الحكم التواطؤ إلى أن يثبت عكس ذلك بفوز الفريق الذي نتعاطف معه، وهي نظرة كرّسها الإعلام عموماً والمعلّقون خصوصاً، حتى أن النيل من الحكم وتقريعه بعبارات حادة كان يوماً ما طريقة لإثبات الولاء... ما نتمناه من ذلك المعلق وبقية رفاقه أن يسموا بتفكيرهم وعباراتهم، وأن يرحموا المشاهد من تلك الحماسة التي تنعكس سلباً على المدرجات، فالخطأ وارد وليس على الأرض فريق لم يدفع ثمن هفوات الحكام، ويكفي ما حدث في مونديال 2010 من فضائح تحكيمية، غير أن الأمر لم يتحول إلى النيل من الحكام وتناسي الأخطاء التي وقعت فيها المنتخبات! Talal2020@gmail