نفى وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير أن يكون الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أبلغ نظيره اللبناني ميشال سليمان بأن المحكمة الدولية مرتبطة بالإجماع اللبناني في شأنها. وقال كوشنير عقب لقاء مع رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري: «كنت حاضراً للقاء الرئيسين في مونترو (سويسرا) وأي شيء من هذا القبيل، لم يقل». أضاف: «ليس بوسع أي بلد، لا فرنسا ولا لبنان أن يؤثر على المحكمة». وتابع كوشنير: «قلنا إن الأمور ينبغي ان تهدأ، وأن لا أحد يعرف مضمون القرار الظني، فلم التكهن في شأن هذا المضمون؟». وأشار الى ان فرنسا كانت وراء إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، والمحكمة الخاصة بلبنان و«لا يمكن التأثير على هذه المحكمة فهذا غير ممكن». وعن شهود الزور، قال كوشنير ان هذه المسألة «مشكلة إضافية لكنها ليست الأساس، ولدى القضاء اللبناني موقف في هذا الشأن، فدعونا لا نعقد الأمور لأن القضاء الدولي تقدم على صعيد حقوق الإنسان والعدالة عموماً». وعبّر عن تأييد فرنسا للعدالة الدولية، مشيراً الى ان كان من الطبيعي عقب اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري «أن يطلب الجميع معرفة المجرمين». وأبدى سروره للقاء الرئيس بري الذي يعرفه منذ مدة طويلة، وقال انه اثار معه ذكريات مشتركة والاحتمالات الراهنة. ووصف الوضع في لبنان في هذه المرحلة بأنه «متوتر نسبياً، وإنما بدرجة أقل من تلك التي شهدها في الفترة السابقة»، ولكنه رأى انه «ينبغي تهدئة هذا التوتر». وذكر انه وبري أجريا جولة في مسببات التوتر، وأن الوضع بأكمله في الشرق الأوسط ليس إيجابياً، «فهناك المشكلة الفلسطينية - الإسرائيلية الكبرى، وكنا نعتقد اننا سنشهد على الأقل حقبة إيجابية ومتفائلة لكن هذا ليس صحيحاً بعد». ولفت كوشنير الى لقاءات واشنطن ومحاولة اللقاء في باريس، مشيراً الى ان هناك الآن إمكانية عقد قمة برشلونة في 21 تشرين الثاني (نوفمبر) «حيث أتمنى ان تتقدم الأمور بعض الشيء». وتابع: «نعرف جيداً، أن كل الطوائف اللبنانية في حال ترقب يشوبها بعض التوتر، وقد حصلت زيارة الرئيس الإيراني التي تمت في شكل جيد من الناحية البروتوكولية ولكنها كفّت لاحقاً عن ان تكون مطمئنة، لأن الكلام الذي صدر عنه في الجنوب ليس كلام سلام». ومضى يقول ان «هناك ايضاً توترات حول الحكومة اللبنانية ومحاولات عرقلة، وأتمنى ألا تحصل هذه العرقلة وأن يهدأ كل هذا، على مدى الأسابيع المقبلة ربما». وتساءل كوشنير: «هل ان الأمور تسير جيداً بين سورية والعراق مثلاً؟ فلبنان لا يمكن عزله عن المنطقة والمشكلة ليست فقط لبنانية، أنا متأكد من ذلك، فهناك مشكلة لبنانية مردها الى الطوائف وتحديداً السنّة والشيعة وهذه ليست مشكلة لبنانية إنما مشكلة الشرق الأوسط». وعبّر عن اعتقاده بأن القبول بإنشاء دولة فلسطينية قد يدفع الأمور الى الحلحلة، و«نحن على استعداد لعقد اجتماع ثان للمصالحة اللبنانية، سان كلو 2، لكنني لم أتناول ذلك مع السيد بري». واعتبر ان قمة برشلونة يمكن ان تتوصل الى النجاح و«نحن نبذل كل ما في وسعنا لتعقد وتسير في شكل جيد». وتساءل عما اذا كانت زيارة الرئيس السوري والعاهل السعودي للبنان جيدة وعما اذا كانت أدت الى آمال كبيرة، متمنياً ديمومة هذا الأمل. وقال انه تناول مع بري موضوع المحكمة الدولية وموقف فرنسا المؤيد بحزم للعدالة الدولية، و«العدالة الدولية مستقلة ولها وتيرتها ولا مجال للتأثير عليها من الخارج». ووصف كوشنير علاقات بلاده مع سورية بأنها جيدة. وعما اذا كانت حكومة سعد الحريري مهددة، أجاب كوشنير: «أتمنى ألا يكون الأمر كذلك وتناولنا ذلك مع السيد بري، وهو ايضاً لا يعتقد ذلك... لا بد من الوفاء لرئيس الحكومة المنتخب شرعياً». وعلمت «الحياة» من مصادر مطلعة على اللقاء ان بري عبّر عن تأييده لبقاء الحريري على رأس الحكومة «لكونه الوحيد في طائفته السنية الذي يمكنه تولي هذا المنصب في الوقت الحالي، حتى في حال حدوث تعديل حكومي». وذكرت ان بري طرح فكرته حول ضرورة اعتماد خطة لبنانية في شأن المحكمة، ما يعني ادارة قضية شهود الزور ولكنه لم يفصّل افكاره في هذا الشأن. وأضافت ان كوشنير أصر خلال لقائه مع بري على استحالة التدخل في المحكمة الدولية وأنه يعرف المدعي العام في المحكمة دانيال بلمار جيداً وأنه قاض على درجة من الاستقلالية تدفعه التدخلات المحتملة الى القيام بعكس ما هو مطلوب منه. وتابعت ان كوشنير وبري تناولا ايضاً أوضاع المنطقة، وأن بري رأى أن الأمور تبدو مجمدة الآن بانتظار الانتخابات الأميركية. ونقلت المصادر عن كوشنير قوله ان الاجتماع الذي كان يفترض ان يعقد في باريس، لم يتم وأن الجهد منصب الآن على عقد قمة برشلونة. والتقى بري مساء رئيس الحكومة فرانسوا فيون في مقره في قصر ماتينيون، ويلتقي صباح غد الرئيس نيكولا ساركوزي.