تصادف بعد أيام الذكرى الثالثة والتسعون لوعد بلفور، (2\11\1917) هذا الوعد، ممن لا يملك لمن لا يستحق، تحقق بقوة السلاح، وهو الآن في مراحله الأخيرة، وبإقرار من قادة الاحتلال أنفسهم. تسيبي ليفني زعيمة المعارضة في دولة الاحتلال تقول بأن نتانياهو يؤسس لسياسة مبينة على الخوف، وان دولة الاحتلال الآن في أضعف حالاتها، و «الوقت لا يعمل لمصلحتها». بريطانيا ومن خلال تفكيرها بإيجاد مشكلة دائمة في قلب العالم العربي والإسلامي، زرعت دولة الاحتلال كقاعدة متقدمة لها وللغرب عموماً، وهو ما حصل ونجحت فيه. جريمة بريطانيا لا تسقط بالتقادم، وعلى كل حر وشريف في العالم أن يلاحقها. تحاول بريطانيا ومعها أميركا جعل دولة الاحتلال – الجسم الغريب - جزءاً أصيلاً من العالم العربي والإسلامي، بالقوة أحياناً، وبالحيلة أحياناً أخرى، وقانون يهودية الدولة هو جزء من المخطط المتكامل، وتصريحات أوباما الأخيرة تصبّ في ذلك، وهو ما ينافي طبيعة الأشياء، وحقيقة أن الجسم الغريب لا حل له سوى بالانتزاع من الجسم وإلقائه بعيداً. بريطانيا وكصورة مصغرة عنها هو توني بلير رئيس وزارئها السابق، خصم كاذب، متغطرس، ماكر، وذكي، يستسهل دماء العرب وآلامهم كما في العراق، ولا يبالي بالقانون الدولي بتحايله عليه. ايطاليا اعترفت بجريمة احتلال ليبيا وعوضتها، وهو ما سيحصل لاحقاً مع بريطانيا فتعترف بجريمة وعد بلفور وتعوض الشعب الفلسطيني وإن طال الزمن. كان من المفترض في بريطانيا كدولة أوروبية «متحضرة» تريد أن تنقذ العالم الثالث من جهالاته، أن تصدر وعداً بنشر العلم والفضيلة وحقوق الإنسان و «الديموقراطية» لخدمة البشرية، إلا أننا نراها قد وعدت بشرٍّ مستطير، وأصدرت وعد بلفور القاضي بإيجاد كيان يهودي سياسي في فلسطين. صحيح أن القوي يفرض ما يريده، ولكن إن كان ما يفرضه لا يتناسب مع منطق الأمور والسنن الكونية، فإنه لا يدوم. هل ثبتت أميركا في العراق وأفغانستان؟ وهل ثبتت دولة الاحتلال في جنوب لبنان وقطاع غزة؟ بعد 93 سنة على وعد بلفور، أخطأت بريطانيا، وارتكبت جريمة العصر بزرعها دولة الاحتلال. الاحتلال، باعتراف مفكريه وقادته، يمر في مراحله الأخيرة، وهذا لا يستوجب منا التواكل والانتظار، بل إعداد الخطط وإحكامها، للتخلص منه، ليطويه النسيان في أقرب مزبلة تاريخية، غير مأسوف عليه.