ادى نشر نحو 400 الف وثيقة اميركية سرية عن سنوات الحرب في العراق، ولم ينفها اي طرف، الى كشف بعض اسرار ما جرى على مدى خمس سنوات من تعذيب ومؤامرات وقتل ودمار وانتهاك حقوق الانسان العراقي وتدخل ايراني عسكري عبر ميليشيات. وتحدثت وثائق عن بعض تفاصيل «الحرب الخفية» بين الولاياتالمتحدة وإيران وكيفية لجوء طهران الى تسليح «كتائب الموت» وعن تورط رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي في ادارة فرق القتل والتعذيب وتغاضيه عن ادانة ما كانت تقوم به القوات الاميركية. وقال جوليان اسانج، مؤسس موقع «ويكيليكس» الذي نشر الوثائق، «انها قدمت مادة تكفي لتقديم 40 دعوى قضائية عن جرائم قتل غير مشروع وانتهاك لحقوق الانسان في العراق». وأكدت وثيقة ان الإيرانيين خططوا لضرب المنطقة الخضراء في بغداد، التي تضم المباني الحكومية العراقية الرئيسية والسفارات الغربية، بواسطة صواريخ وسيارات مدرعة ملغمة بأسلحة كيماوية، واوردت بعض الوثائق تفاصيل تورط رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي في ادارة فرق القتل والتعذيب. وفيما طالبت «القائمة العراقية» بعرض ما جاء في هذه الوثائق امام المحكمة الجنائية الدولية، سعى مكتب المالكي الى نسبة هذه الافعال الى الاميركيين. وفي حين دانت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون باوضح العبارات تسريب الوثائق التي لم تنف مضمونها، دعا المقرر الخاص للامم المتحدة لشؤون التعذيب مانفريد نواك الرئيس باراك اوباما الى اجراء تحقيق حول صحة حالات التعذيب. وقال نواك في تصريح الى ااذاعة «بي بي سي-4» ان «من واجب ادارة اوباما عندما تصدر اتهامات خطيرة بحق مسؤول اميركي حول حالات تعذيب، ان تحقق وان تستخلص العبر... لا بد من احالة هذا الشخص على القضاء». لكنه لاحظ ان مثل هذا التحقيق لا يمكن الا ان يكون اميركيا. وقال «ان ملاحقات من قبل المحكمة الجنائية الدولية غير ممكنة لان الولاياتالمتحدة لا تعترف بهذه المحكمة». وجاءت ردود الفعل على الوثائق مختلفة لكنها لم تصل بعد الى حد المطالبة بتشكيل محكمة دولية للنظر بما جرى ومحاسبة المسؤولين عن «الحرب القذرة» كما قال اسانج. وتباينت ردود افعال الأطراف السياسية في العراق على الوثائق وأعلنت «القائمة العراقية» بزعامة اياد علاوي عزمها رفع دعوى قضائية في المحكمة الجنائية الدولية «لمحاسبة المتورطين بسفك دماء الشعب العراقي». واعتبر عضو «العراقية» احمد العلواني ان ما ورد في الوثائق «ليس امراً جديداً فقد تحدثت عنه قائمتنا قبل سنوات وأن اعداد ضحايا الجيش الأميركي والسلطات العراقية اكبر بكثير من الأعداد التي ذكرها تقرير موقع ويكيليكس». واتهم بيان عن مكتب المالكي جهات اعلامية بقيادة «ضجة» بسبب الوثائق ضد جهات وقيادات وطنية، خصوصا رئيس الوزراء لاهداف سياسية، «تثير في اسلوبها وتوقيتها اكثر من علامة استفهام». واكد البيان ضرورة «اخذ الوثائق بنظر الاعتبار بما يحقق العدالة للمواطنين العراقيين». وقال ان «بعض وسائل الاعلام نشرت ما وصفته بوثائق سرية للجيش الاميركي فيما يتعلق بالعراق، وعلى رغم الطبيعة الانتقائية التي اتبعتها هذه الوسائل في نشرها للوثائق المذكورة، فاننا نرى من الضروري التأكيد على عدد من النقاط بمقدار ما اتيح لنا الاطلاع عليه». واضاف ان «اهم هذه النقاط التي يجب التأكيد عليها ويتحدث بعضها عن تصرفات الجيش الاميركي وشركات الحماية التابعة للجانب الاميركي في العراق، التي سبق وان اتخذت الحكومة قراراً بمنعها من العمل في العراق نتيجة تجاوزاتها واستخدامها المفرط للقوة بل واعتدائها على بعض الابرياء العراقيين دون مبرر». وزاد «لذا فاننا نؤكد مرة اخرى على ضرورة اخذ هذه الوثائق بنظر الاعتبار بما يحقق العدالة لمواطنينا الذين ربما ذهبوا ضحية جموح واعتداء من هذه الجهة او تلك ممن اثيرت قضاياهم على مستوى القضاء او حتى الذين لم يتقدموا الى القضاء في حينها». واضاف البيان «على رغم الحشد الذي قامت به هذه الوسائل بالتواطؤ مع الموقع الذي سربها اليها قبل موعد نشرها على صفحته، فانها لم تستطع ان تقدم دليلا واحدا على سلوك غير وطني قامت به الحكومة العراقية او رئيسها الذي اثبت عبر اربع سنوات صعبة قادها بحزم وارادة صلبة دون ان يهادن طرفا او اخر على حساب مصلحة العراق ووحدته. وفي مؤتمر صحافي عقده في لندن اكد مؤسس «ويكيليكس» انه يريد اظهار «حقيقة» الحرب في العراق من خلال نشر الوثائق التي تكشف حالات التعذيب المرتكبة من قبل العراقيين والتي غطى عليها الجيش الاميركي. وقال: «في اوقات الحرب يبدأ الهجوم على الحقيقة قبل بدء الحرب بكثير ويستمر بعدها بكثير».