أصدرت الحكومة التركية 3 قرارات أثارت جدلاً بسبب إقرارها في ظل حال الطوارئ المفروضة منذ المحاولة الانقلابية الفاشلة في منتصف تموز (يوليو) الماضي. واستهدفت القرارات إقرار تعديل دستوري يؤمّن الانتقال إلى نظام حكم رئاسي، علماً أنه يجب أن يمرّ عبر البرلمان أولاً ثم يُطرَح على الاستفتاء الشعبي. وتصاعدت التساؤلات في شأن حدود استخدام الصلاحيات الممنوحة للسلطات التركية بموجب قانون الطوارئ. وينص مشروع التعديل الدستوري على نقل السلطة التنفيذية من رئيس الحكومة إلى رئيس الجمهورية، كما قد يتيح للرئيس رجب طيب أردوغان الاستمرار في السلطة حتى العام 2029. وسيتمتع الرئيس التركي في حال إقرار التعديل، بصلاحيات تعيين الوزراء وإقالتهم وسيكون له نواب رئيس كما يمكنه إصدار مراسيم. كما سيُتاح له عدم قطع صلاته بحزبه السياسي عند انتخابه رئيساً. ويتعين أن ينال التعديل الدستوري تأييد 330 نائباً من أصل 550 كي يُحال على استفتاء شعبي. وطاولت القرارات الحكومية الجديدة آلاف الموظفين في مؤسسات حكومية عدة، بدءاً من الجيش والأمن، مروراً بقطاعي الصحة والتعليم ووصولاً إلى رئاسة الشؤون الدينية والوعّاظ والإعلام الحكومي، حيث طُرد حوالى 8 آلاف من هؤلاء، وأُغلِقت 83 جمعية أهلية، في مقابل إعادة فتح 11 صحيفة محلية، وإعادة 277 موظفاً كانوا طُردوا سابقاً، إلى وظائفهم الحكومية. وتضمنت القرارات ال3 عقوبات وإجراءات غير مسبوقة لاقت استهجاناً من المعارضة وجماعات حقوق الإنسان، من بينها منح الأمن والشرطة صلاحية «التشهير) عبر كشف هوية أصحاب مواقع إلكترونية وحسابات إلكترونية والبريد الإلكتروني للأشخاص، من دون استصدار إذن من المحكمة. كما ستُسحب الجنسية من كل مواطن تركي خارج البلاد لا يعود خلال 3 أشهر للتحقيق معه في أي قضية جنائية، الأمر الذي اعتبرته المعارضة تخييراً للمعارضين بالنفي أو السجن من دون ضمان محاكمة عادلة. إلا أن أكثر البنود التي تضمنتها القرارات الحكومية إثارةً للجدل، كانت «منح الحكومة صلاحية انتداب أي موظف حكومي لدعم الجهد الحربي للجيش التركي خارج البلاد»، إذ بدت غير مرتبطة بالتصدي لجماعة الداعية المعارض فتح الله غولن. من جانبه، توعد زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كيليجدارأوغلو الحكومة بمحاسبة شديدة في البرلمان غداً، مع بدء المناقشة والتصويت على 18 تعديلاً دستورياً قدمتها الحكومة لتغيير نظام الحكم إلى رئاسي. وطالب كيليجدارأوغلو «الشعب بالتركيز على مشاهدة جلسات البرلمان ليكتشفوا حقيقة ما يُراد إقراره»، مشيراً إلى استعانة الحكومة بقانون الطوارئ من أجل تمرير هذا التعديل. وكان نواب في البرلمان أكدوا أن الدستور يمنع إجراء تعديلات دستورية في ظل حال الطوارئ لأن ذلك سيُعتبر «سوء استخدام للصلاحيات من الحكومة لتمرير مشاريعها الخاصة»، إذ إن «الطوارئ» تمنع المعارضة من تنظيم حملات ترويجية لرأيها. وتتهم المعارضة اليسارية والكردية الحكومة باستغلال كل الظروف بما فيها قانون الطوارئ و «التحايل على القواعد الداخلية للبرلمان» من أجل تمرير التعديل الدستوري. وبدأ سجال في كواليس البرلمان حول رغبة الحكومة في أن يكون التصويت على التعديل الدستوري علنياً، في حين تصر المعارضة على أن الدستور يمنع ذلك بوضوح، من أجل السماح للنائب بالتصويت وفق قناعته الشخصية من دون أي ضغط من زعيم حزبه، وذلك في ظل تنامي الحديث عن عدد متزايد من رافضي التعديل الدستوري بين نواب الحزب الحاكم، وحزب الحركة القومي الداعم له. على صعيد آخر، أجبرت عاصفة ثلجية ضربت مدينة إسطنبول التركية السلطات على إغلاق مضيقي البوسفور والدردنيل الرئيسيين للشحن وإلغاء رحلات طيران أمس، كما تسببت العاصفة بخطورة القيادة على الطرق، فعلق سائقون في سياراتهم طوال ليل أول من أمس. وألغت الخطوط الجوية التركية مئات الرحلات من وإلى مطار أتاتورك الرئيسي في المدينة. وأفادت وكالة الأناضول الرسمية للأنباء بأن عشرات الطائرات حُوِّلت إلى مطارات أخرى بسبب التساقط الكثيف للثلوج الذي بدأ منذ مساء الجمعة.